لم تنجح يا سيد بلينكن في لعبة ابتزاز عواطفنا وعواطف مليارات البشر وهم يشاهدونك على الفضائيات وأنت تقص في دولة الاحتلال: رواية هروب ونجاة جدك وأقاربك من مذابح الهلوكوست، قد تكون قد نجحت في شحن الغرائز العدوانية لنتانياهو وحكومته بجرعات زائدة من التوحش والسادية، بينما شعوب العالم باتت تعرف أنكم محترفون في سياسة الكيل بمكيالين. ما حدث لجدي وأقاربي وأبناء شعبي يا سيد بلينكن أسوأ بكثير مما حدث لجدك وأقاربك، والأسوأ من الأسوإ أن جدك الناجي من المذابح قد قتل جدي المسالم، وأن أبناء وأحفاد جدك قد قتلوا أبناء وأحفاد جدي، وارتكبوا 57 مجزرة دموية راح ضحيتها 15 ألف فلسطيني. ولم يكتفِ أبناء جدك بذلك، فعملوا على مسح 532 مدينة وبلدة وقرية فلسطينية عن الوجود، وقاموا باقتلاع مليون فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم، وتهجيرهم إلى أربع جنبات الأرض. ورغم كل ما لحق بنا من ظلم تاريخي، ورغم ما تعرض له شعبنا وما زال من جرائم الإبادة الجماعية، ورغم المشاهد التراجيدية المفجعة التي أبكت العالم وهم يشاهدون طائرات سلاح الجو الصهيوني وهي تقصف وتدمر البيوت والمستشفيات ودور العبادة على رؤوس المدنيين، ورغم مشاهد جثث الأطفال الفلسطينيين المحروقة والمقطعة والمنتشلة من تحت الأنقاض والتي أبكت الحجارة، رغم كل ذلك، هل سمعت يا سيد بلينكن عن رصاصة فلسطينية واحدة استهدفت رأس مدني واحد من أحفاد وحفيدات جدك الهارب من مذابح النازية، والذين يأكلون الآن من شجرة التوت التي زرعها جدي، ويشربون ماءً زلالا من البئر التي حفرها جدي. أتعرف لماذا لا نستهدف المدنيين يا سيد بلينكن؟! لأننا نحن الفلسطينيين أصحاب حضارة عمرها أكثر من 6 آلاف عام، أصحاب الحضارات العريقة لا يقتلون يا سيد بلينكن وإنما يقاتلون. الذين يقتلون يا سيد بلينكن هم القادمون من حضارات مزيفة. أخيرا، كان عليك يا سيد بلينكن – ولو لثانية واحدة من الصدق مع النفس - أن تقول لأصدقائك الوحوش الذين يقتلون شعبي بالجملة: إن هؤلاء الفتية الذين نفذوا هجوم 7 أكتوبر هم أحفاد جدي الذي قتله جدك بدم بارد، وإن هؤلاء الفتية ومعهم ملايين الفلسطينيين مازالوا يتلظون بلهيب الإجرام الصهيوني...