من بين مئات القصص والروايات الحزينة والمفزعة التي أدلى بها ضحايا الإرهاب الصهيوني على غزة ، تبقى مشاهد وحكايات الجرحى والمشوهين الأطفال من أمثال ، لؤي وجميلة ودلال وأميرة ، أشبال فلسطين وزهراتها ، الأكثر حزنا وألما وإثارة . فماذا يملك من رأى وسمع الشبل )لؤي 10 أعوام، ( غير الدموع حزنا عليه وهو ملقى على السرير وقد أفقدته قذيفة فسفورية انفجرت في منزله البصر والقدرة على الحركة ، فهذا ليس مكانك يا طفلي العزيز . سمعت انفجارا قويا يقول لؤي ، رأيت دخانا ابيض ، فقدت الرؤية ، صرخت على والدي .. وماذا يملك من رأى وسمع الزهرة الجميلة ) ،جميلة 12 عاما ، (غير الدموع ، وهي الملقاة على السرير وقد فقدت ساقيها جراء قذيفة صهيونية استهدفت منزلها بينما كانت تلعب مع أقرانها .. جميلة البريئة تقول والابتسامة لا تفارقها ، كنت أتمني أن أكون صحافية عندما اكبر . هي لا تعلم ولا تصدق أن الحقد الصهيوني يتربص بها ولن يرحمها . وأما حكاية الزهرة دلال أبو عيشة 13) عاما( التي كانت الدموع تنهمر من عينيها وهي تستذكر شقيقتها )عيدا( وشقيقيها )محمد وسيد( ووالديها الذين قضوا تحت أنقاض منزلهم جراء القصف الصهيوني . دلال كانت حينها في زيارة لجدتها . والقذائف سقطت على منزلها في غيبتها فأودت بحياة الأسرة بكاملها. الأب والأم والشقيقين والشقيقة. قالت دلال ببراءة الأطفال ، أصبحت يتيمة يا جدتي ! .. قالتها وهي تنظر إلى صور أفراد أسرتها التي كانت لدى جدتها.. قالتها وكأنها تناشد من في الصور أن يعودوا إليها . وأما حكاية الزهرة أميرة فتحي القرم 15) عاما ( التي نزف جرحها ثلاثة أيام متوالية والقصف الجوي الإسرائيلي من حولها، ترقد الآن في مشفى غزة . أميرة الناجية الوحيدة من مجزرة ذهب ضحيتها والدها واثنان من أشقائها، ظلت تزحف من بيت إلى بيت علها تجد من يسعفها وينتشلها ، تقول : بينما كان والدي يهم بالخروج من المنزل ، وإذ بصاروخ إسرائيلي يباغته هو وأحد أصدقائه ويرديهما مضرجين بدمائهما علي الأرض، وما إن همّ كل من أختي عصمت 16) عاماً( وعلاء 15) عاماً( للخارج لطلب الإسعاف إذ بقذيفة دبابة إسرائيلية تمزقهما وتصيبني بجروح بالغة في قدمي . خرجت أميرة من المنزل زاحفة طلبا للإغاثة والنجاة ، ولكن عبثا حاولت فالحي بأكمله خال من السكان والحياة . فاتخذت من جذع شجرة نخيل ملاذا تحتمي به حتى الصباح دون غطاء يحميها من البرد القارص ، ثم عثر عليها صحفي مراسل ، فحملها إلى المشفى حيث ترقد الآن . لم تكن دلال ولا لؤي ولا أميرة ولا جميلة ، هم الأطفال الوحيدون الذين قتلت وحشية إسرائيل طفولتهم ، أو تشوهوا ، أو أبيدت أسرهم ، فقد نجح الجيش الإسرائيلي بتدمير عائلات بكاملها وعائلات فقدت أطفالها ، وأطفال فقدوا والديهم ، واسر تشتت تماما كتلك القصص التي كنا نسمعها عن ضحايا محرقة الهولوكوست ..أما هؤلاء فقد تم إحراقهم بوسائل أكثر حداثة كالقنابل العنقودية والفسفورية . .. لقد استطاع اليهود وعلى مدى عقود من الزمن أن يحتكروا عقدة الخوف من الهلوكوست لأنفسهم، ولم يستطع ذلك قرابة عشرين مليون روسي ذهبوا ضحايا للحرب العالمية الثانية ولا الملايين من أبناء الشعوب الأخرى . فماذا هم فاعلون الآن بعد افتضاح أمرهم ونواياهم أمام الرأي العام والملايين الذين خرجوا إلى الشوارع منددين ؟ إسرائيل وفي دوامة نشوة الانتصارات نسيت نفسها ، ونسيت دوافع العطف على اليهود وتحولت إلى وحش كاسر يفترس الآخرين . فالحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة تعكس حقيقة أن إسرائيل وقادتها لا يقيمون للأخلاق والمعايير الأخلاقية في الحروب وزنا ولا أهمية ، كما أن الحرب العدوانية التي شنتها ضد الأهالي في غزة لم تكن حرباً بمفهوم الحرب التي يقاتل بها طرفان ضد بعضهما البعض، وإنما كانت عملاً إجراميا انتقامياً عقابياً أرادت من خلاله أن تبعث أكثر من رسالة إجرامية ، وإنها قادرة على قتل المئات بل الآلاف من الآمنين الفلسطينيين إن كان ذلك يردعهم . ومع ذلك ورغم ذلك لن تذبل زهرات وأشبال غزة .