وفقا للقانون الدولي، فإن الهجوم المتعمد على مقبرة يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب، وما تفعله سلطات الاحتلال الصهيوني يتجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية، حيث يتعمد جيش الاحتلال تجريف مقابر الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة منذ بدء العملية البرية في القطاع، ونبش القبور لاستخراج الجثامين، ومن ثمّ سرقة بعض الجثث. اعترف الجيش الصهيوني يوم الجمعة، بتدمير مقبرة في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة ونبش قبور فيها، بحجة البحث عن جثث أسرى صهاينة. وحول الموضوع قال "في إطار معلومات استخباراتية وعملياتية مهمة، ينفذ جيشنا عمليات إنقاذ جثث أسرانا في مواقع حساسة ومحدّدة، استنادا لمعلومات تشير إلى احتمال العثور على جثثهم فيها". وأضاف أن الجثث الموجودة في القبور "تبين أنها ليست لأسرى صهاينة، ولذا أُعيدت باحترام إلى القبور"، على حدّ زعمه. وهذه هي المرة الأولى التي يعترّف فيها الجيش الصهيوني باستخراج الجثث، وذلك بعد انتشار تقارير عديدة غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر آثار الدمار الذي خلّفته قوات الاحتلال في العديد من المقابر، وسرقتها الجثث وتركها بقايا بشرية مكشوفة. والأمثلة على المقابر التي جرفها الاحتلال ودمرها كثيرة للغاية، فقد كشف تراجع الآليات العسكرية الصهيونية من محيط مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، عن تدمير الجيش لمقبرة بالمدينة ونبش عدد من القبور فيها. وكانت المقبرة قد تعرّضت سابقا لعمليات قصف عنيف من المدفعية والطائرات الحربية الصهيونية؛ ما تسبب بتدمير مئات القبور فيها. وفي حي الشجاعية بمدينة غزة دمرت القوات الصهيونية جزءا من المقبرة التونسية لإقامة موقع عسكري مؤقت. كما أنشأ الجيش الصهيوني موقعا عسكريا فوق مقبرة في بيت حانون شمالي قطاع غزة -أيضا-، وهي إحدى أقدم المقابر في غزة وتمتد على مساحة 20 مترا مربعا تقريبا. نبش 1100 قبر وسرقة 150 جثة ودمّر الاحتلال كذلك مقبرة التفاح شرق غزة، وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع أن جيش الاحتلال نبش 1100 قبر في المقبرة وسرق 150 جثة، وقال إن آليات الاحتلال جرفت مقبرة التفاح وأخرجت جثامين الشهداء والأموات منها، "وداستها وامتهنت كرامتها، دون أي مراعاة لقدسية الأموات أو المقابر". ونشرت مواقع صور آثار التجريف التي خلّفتها قوات الاحتلال في مقبرة التفاح، وتبيّن الصور تجريف آليات قوات الاحتلال المقبرة ونبش القبور وإخراج الجثث والدوس عليها بالآليات وتركتها خارج القبور. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قد تحققت من تدمير الاحتلال لعدد من المقابر الأخرى، ومن بينها مقبرة في الشيخ عجلين أحد أحياء مدينة غزة، ومقبرة بيت لاهيا شمالي القطاع التي تمتد على مساحة تقدر ب23 مترا مربعا. كما تحقّقت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" من مقابر أخرى دمرها جيش الاحتلال، ومنها مقبرة الفالوجا، التي تقع بالقرب من مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة، ومقبرة الشجاعية الواقعة شمال قطاع غزة. وكشف تحقيق أجرته شبكة "سي إن إن" أن الجيش الصهيوني "دنّس ما لا يقل عن 16 مقبرة في هجومه البري على غزة، ما أدى إلى تدمير شواهد القبور، وقلب التربة، وفي بعض الحالات، استُخرجت الجثث". وأفردت الشبكة حيزاً لتصريحات بعض خبراء القانون الذين أكدوا أن التدمير المتعمد للمواقع الدينية مثل المقابر وتحويلها إلى أهداف عسكرية، هو انتهاك للقانون الدولي. وأوضح الخبراء أن تصرفات الكيان الغاصب هذه قد ترقى إلى مستوى "جريمة حرب".