مشاريع قيد الإنجاز وأخرى على وشك الانطلاق لتلبية الاحتياجات أحيت الجزائر، أول أمس، اليوم العالمي للماء تحت شعار «الماء من أجل السلام»، والمصادف ل22 مارس من كل سنة وهي تعيش على تبعات التغيرات المناخية السلبية التي يعرفها العالم ككل، ما أثر بشكل كبير على احتياطات المياه، تغير نسب التساقطات المطرية، وازدياد فترات جفاف طويلة ومتكررة، ناهيك عن السيول والفيضانات، ما حتّم عليها التكيف مع الوضع من أجل تأمين أمنها المائي، من خلال رؤية استشرافية تجسّدت في عدة برامج استعجالية من أجل تلبية احتياجات مواطنيها المتزايدة من هذا المورد الثمين. أكد وزير الري طه دربال، بقصر المعارض «صافكس» والذي كان مرفوق بكل من وزيري الفلاحة والتنمية الريفية يوسف شرفة، والبيئة والطاقات المتجددة فازية دحلب، ورئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني نورالدين بن براهم، أن بلادنا تسير بخطى واثقة وثابتة لبلوغ هدف تحقيق أمن مائي مستدام لا يتأثر بظاهرة التغيرات المناخية، خاصة وأن الاحتفالية كانت فرصة للوقوف على مدى نجاعة الإجراءات الاستعجالية التي اتخذتها السلطات العليا للبلاد والتي خففت بشكل كبير من أثار التغيرات المناخية، وضمنت تموينا مستقرا بالمياه بالنسبة للولايات المتأثرة، حيث تضمن هذا البرنامج، على المدى القريب، إنجاز عدد كبير من المناقب والآبار مع أنظمة إنتاج وتوزيع المياه، بالإضافة الى محطات لتحلية مياه البحر. أما على الأمدين المتوسط والبعيد، وبفضل النظرة الاستشرافية لرئيس الجمهورية الذي أقر خلال اجتماع مجلس الوزراء ل25 جويلية 2021، برنامجا وطنيا هاما لإنجاز محطات لتحلية مياه البحر على طول الشريط الساحلي للوطن. وأوضح الوزير، أن إنجاز هذا البرنامج يتم على مرحلتين؛ المرحلة الأولى 2022-2024 وهو قيد الإنجاز والذي يضم إنجاز 05 محطات كبرى لتحلية المياه بقدرة 300 ألف م3/يوم لكل واحدة، بكل من وهرانالجزائر غرب وشرق، بجاية، الطارف ومن المقرر دخولها حيز الخدمة نهاية السنة الجارية. مع العلم أن قطاع الطاقة والمناجم يشرف على إنجاز هذه المحطات وقطاع الري يشرف على إنجاز أنظمة ربط هذه المحطات بشبكات جر وتوزيع المياه الصالحة للشرب. ونوّه دربال في هذا السياق، بالمجهودات التي تبذلها الكفاءات الجزائرية المكلفة بإنجاز هذه المشاريع، سيما مشاريع تحلية مياه البحر، التي أصبحت تنجز بسواعد جزائرية بعدما كانت حكرا على المؤسسات الأجنبية في السابق، إلى جانب المجهودات التي تبذلها المؤسسات التابعة للقطاع التي أسندت لها أشغال إنجاز هذه المشاريع، حيث تعمل ليلا ونهارا دون انقطاع لتسليم هذه المشاريع الهيكلية في آجالها المحددة. وفيما يخص المرحلة الثانية، 2025-2030 فتتضمن إنجاز 7 محطات كبرى أخرى بكل من ولايات تلمسان، مستغانم، الشلف، جيجلسكيكدة ومحطتين بولاية تيزي وزو، حيث يهدف هذا البرنامج بمرحلتيه إلى ضمان أمن مائي وطني، لأن هذه المحطات سوف تؤمّن تزويد ساكنة الولايات الساحلية بالماء الشروب، بالإضافة إلى سكان المدن الواقعة على نطاق 150 كلم من هذه المحطات، حيث يقطن أكثر من 70% من إجمالي سكان الوطن. وأشار المسؤول الأول عن القطاع، أنه فور دخول المرحلة الأولى من هذا البرنامج حيز الخدمة، سترتفع نسبة الاعتماد على المياه المحلاة على المستوى الوطني إلى 42%، ومع انتهاء المرحلة الثانية سترتفع إلى 60%، مما سيسمح بإعادة توجيه المياه السطحية والجوفية لاستعمالها في مجالات أخرى، لاسيما الفلاحة أو الاحتفاظ بها كمخزون استراتيجي. ولم تقتصر مجهودات الدولة على ضمان الأمن المائي من ناحية التزود بالماء الشروب فقط، بل تعدته لبحث سبل ضمان توفير مياه لصالح قطاع الفلاحة والصناعة، بالاعتماد على مصادر غير تقليدية، حيث أعد القطاع استراتيجية لهذا الغرض تقضي باستغلال المياه المستعملة المصفاة في الفلاحة والصناعة وقد تم عرضها أمام مجلس الوزراء، بحيث أمر رئيس الجمهورية بتجسيدها، محددا هدف الوصول إلى نسبة 60% لإعادة استعمال المياه المصفاة في المجالين الفلاحي والصناعي. وبحسب دربال، تترجم كل هذه المشاريع، التي هي قيد الإنجاز أو على وشك الانطلاق، حقيقة مجهودات الدولة الجزائرية لضمان أمن مائي على جميع المستويات، ما سيساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية ويخلق أحسن ظروف معيشية للساكنة، كما أن تأمين تزويد الفلاحة والصناعة بالمياه سيساهم حتما في بلوغ مسعى تحقيق الأمن الغذائي من جهة، ومرافقة الصناعة من جهة.