نجحت الجزائر في رهان ترسيخ التنمية الاقتصادية ببعدها المحلي، لتحقيق التوازن الاقتصادي المنشود عبر كامل التراب الوطني، وحتى تتوزع خارطة الاستثمارات بشكل يبتعد عن أي خلل في تكريس تنمية اقتصادية واجتماعية عبر كل منطقة من الوطن، وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون حريصا على إرساء إصلاحات جذرية جادة وقوية في المشهد الاقتصادي، وافتكّت منها الاستثمارات حصة الأسد، كونها الطريق الأمثل لتكثيف النسيج الصناعي، والبداية جاءت مع قانون استثمار جديد وجاد في استقطاب استثمارات محلية وأجنبية، وتتواصل الجهود والترتيبات الضرورية بهدف الوصول إلى تهيئة أرضية تكون مفتاح ضخ الثروة، وبناء اقتصاد متنوع ومكثف وقوي ومؤخرا رأت النور لجنة طعون التي ستلعب دورا غير مسبوق في الحياة الاقتصادية. يعوّل على الإجراءات الجديدة في رفع العراقيل التي تحول دون تسريع وتيرة الاستثمار، وتدفق الثروة واستغلال الطاقات الوطنيات والمقومات المتاحة لأنه لم يتم الاكتفاء بقانون الاستثمار، وإنما جاءت بعده إجراءات لتعزيز المناخ الاستثماري من خلال تنصيب لجنة مكلفة بالطعون في مجال الاستثمار، علما أنّ هذه اللجنة نص عليها القانون رقم 22-18 المتعلق بالاستثمار، وتشكلت من أجل أن تكون ورقة إضافية تعزّز من حجم الضمانات على صعيد تحسين وترقية مناخ الاستثمار في الجزائر. وعلى الأرجح، ستضع لجنة الطعون الجديدة والأولى من نوعها، المكلفة بمراقبة مسار الاستثمارات حدّا لمظاهر البيروقراطية والفساد، وينتظر أن تجعل من مصلحة الاقتصاد الوطني فوق كل اعتبار، بل وستكون مهمتها ليست إدارية بحتة، وإنما اقتصادية لجعل الاستثمار كشريان حقيقي يخلق الثروة بهدف تحقيق الازدهار المسطر تجسيده على المديين المتوسط والطويل. وستقوم اللجنة بدور محوري لافت في دعم مطلق للمستثمرين من أجل أن يمضوا في تجسيد مشاريعهم الاقتصادية، التي تعد إضافة بارزة في المشهد الاقتصادي، ومن شأنه كذلك أن يعزّز من أداء الآلة الإنتاجية. كل المخاوف التي كانت تثار في السابق صارت من الماضي، وأما الغموض لقد استبدل بالشفافية وصرامة تطبيق القانون، ولن يشتكي المتعاملون الاقتصاديون والمستثمرون مستقبلا من بعض التجاوزات الإدارية السابقة أو عدم الإنصاف بسبب تصرفات أعوان الإدارة، لأن البت النهائي في ملفاتهم سيكون بيد لجنة سيدة ستكفل حقوقهم. كما ينتظر من لجنة الطعون أن تؤسّس لمرحلة جديدة عنوانها مرحلة التجسيد الفعلي للمشاريع الاستثمارية. يذكر أنّها لن تكون هيئة عادية لأنّها ستنصف المستثمرين كونها جهة ترفع إليها الطعون، وتحمي حقوق وفرص نشاط المستثمرين من أجل الدفاع عن ملفاتهم ومشاريعهم في شفافية كبيرة، من دون أن يظلموا أو يتم إقصاؤهم من غير وجه حق، وفوق ذلك ستعيد لهم الثقة في استقرار الترسانة التشريعية وكذلك الثقة في الإدارة من أجل أن يتفرغوا إلى نشاطهم الاقتصادي، بعيدا عن أي حسابات، لأن كل المخاوف ستختفي. وستجد الانشغالات آذانا صاغية وجهة رقابة معنية لديها كل الصلاحيات لتجعل من المستثمر قيمة إضافية، وترسخ جهوده في المعركة الاقتصادية، كونها ستتدخّل لتلعب دورا مراقبا ومتابعا لجميع المتدخلين داخل الهياكل والإدارات وصناديق الاستثمار، ومنح عملية التكفل حقها من الاهتمام بحجم أهمية كل مشروع اقتصادي للاقتصاد الوطني.