خطوات ثابتة نحو النجاعة الاقتصادية ودفع الميزان التجاري بإيجابية مشاريع نصوص تطبيقية وتنظيمية لتسهيل عمل الإدارة والمستثمر بعد الانتهاء من مرحلة وضع قانون خاص بالاستثمار يحقق تطلعات الدولة الجزائرية في التحول إلى اقتصاد متنوّع ومنتج بالاستقلال التدريجي من التبعية للمحروقات، من أجل تحسين مناخ الأعمال ليصبح جاذبا ومستقطبا لرؤوس الأموال محليا وأجنبيا، من خلال إعطاء المستثمر امتيازات عديدة تكفل الربح وتحقيق الرفاهية الاقتصادية للمستهلك. تنتقل الجزائر، اليوم، إلى مرحلة أخرى تكون التفاصيل فيها محور الدراسة والمناقشة لجعل قانون الاستثمار أكثر فهما ووضوحا من طرف المستثمر، وهو ما شرعت فيه الحكومة في اجتماعاتها الدورية، من خلال دراسة مشاريع نصوص تطبيقية وتنظيمية لهذا القانون، كان من بينها ثلاثة مشاريع نصوص تطبيقية لقانون الاستثمار الذي تمت المصادقة عليه، مؤخرا، على مستوى البرلمان بغرفتيه. يتعلق الأمر بمشروع مرسوم تنفيذي مرتبط بكيفية تسجيل الاستثمارات المهيكلة والتنازل وتحويل الاستثمارات، وكيفية تحصيل الأتاوى لمعالجة الملفات الاستثمار، بالإضافة إلى مشروع مرسوم تنفيذي خاص بكيفيات تحديد المناطق التي توليها الدولة أهمية خاصة، وأخيرا، مشروع مرسوم تنفيذي متعلق بتنظيم وتسيير الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار. بعد المهم..الأهمّ في اتصال مع «الشعب ويكاند»، قال الخبير الاقتصادي إسحاق خرشي إنّ المراسيم التنفيذية الثلاثة جاءت لتفصل وتوضح ما جاء في القانون المتعلق بالاستثمار، من خلال مناقشتها ودراستها من طرف مجلس الحكومة الأخير، فالأول متعلق بكيفية تسجيل الاستثمارات المهيكلة التي تملك امتيازات خاصة وكيفية التنازل عنها وتحويلها وتحصيل الإتاوة من الملفات المدروسة. وأكد المتحدث أنّه مشروع مرسوم تنفيذي تدرسه الحكومة في الوقت الراهن، لم يفَصل فيه أكثر بيان مجلس الحكومة، لذلك يتوقع كخبير اقتصادي أن يتم التسجيل على مستوى الشباك الواحد أو الموحّد، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الاستثمارات المهيكِلة نوع من الاستثمارات التي تتميز بامتيازات إضافية مقارنة بتلك الخاصة بنظام القطاعات أو نظام المناطق. في إجابته عن سؤال حول إن كان المستثمر يقدم طلبا خاصا للاستفادة من المزايا الإضافية أم أنّ العملية تتم أوتوماتيكيا على مستوى الوكالة، قال إنّه أحد الإجراءات التي يدرسها هذا المرسوم،.بالإضافة إلى التنازل عن الاستثمار بمعرفة إن كان مرتبط بعملية بيع الاستثمار، أم أنّ العملية تتم بالتفاوض بين البائع والمشتري، أم تفرض الحكومة عليه أن تتم عن طريق مزاد علني ليكون الاستثمار لمن يقدم أفضل سعر، الأمر الذي يتطلب تصريح من الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار. فربما مثلا هذا الاستثمار يشتريه المعني من شخصية أجنبية غير مرغوب فيها داخل الجزائر، لذلك يستوجب هذا النوع من شراء الاستثمار تصريحا خاصا للقيام بعملية البيع، حتى تستطيع الدولة التحكم فيمن يشتريه من الناحية القانونية والأمنية. وعن الاستثمارات التي تتم دون امتلاك تصريح، قال المتحدث إنّ الامتيازات التي يتحصّل عليها المستثمر في قانون الاستثمار كالإعفاء من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة متعلقة بالآلات التي يشتريها بسعر منخفض من الخارج، لكن لو أراد مستقبلا هذا المستثمر التخلي عن الاستثمار وبيعه، سيكون عليه بيع هذه الآلات بسعر مرتفع لأنّه لم يدفع الضرائب عليها. وشرح الخبير الاقتصادي أنّ الحكومة وبدراستها لمشروع هذا المرسوم التنفيذي، سيجد هذا النوع من الإشكالات الطريقة الأنجع لتعويض الامتيازات التي حصل عليها المستثمر الأصلي الراغب في التخلي عن استثماره وبيعه، فهل نعيد فرض ضريبة جمركية عليه؟، وهل يقوم بتسديد المزايا التي استفاد منها حسب ما ينص عليه قانون الاستثمار؟. أما فيما يتعلق بالأرباح التي حققها، فقانون الاستثمار يمنح في نظام الاستثمارات المهيكِلة رجل الأعمال إعفاء من الرسم على النشاط المهني مدة تتراوح بين خمسة إلى عشر سنوات، بالإضافة إلى تحديد الطريقة التي نلزم بها المستثمر الجديد أو مشتري الاستثمار الوفاء بتعهدات المستثمر الأصلي أو الأول. في نفس المرسوم التنفيذي الأول، تدرس الحكومة كيفية تحويل الاستثمارات بتحديد الحالة التي يجب أن تكون عليها الآلات والمعدات التي يريد المستثمر الأجنبي نقلها إلى الجزائر عند وجود رغبة منه للاستثمار فيها، هل يجب أن تكون جديدة وما هي نسبة اهتلاكها، وهل تُفرض عليه ضريبة أم تمسّه الإعفاءات مثل من يقوم بشرائها لأول مرة، وهل هناك شروط معيّنة لهذه العملية. أما فيما يتعلق بتحصيل الإتاوة من دراسة الملفات، فعند تسجيل الاستثمار على مستوى الشباك الموحد يجب تحديد كم يجب أن يدفع، أيّ أنّ التكلفة يحدّدها نص تطبيقي، وهل تكلفة دراسة الملف تختلف من استثمار إلى آخر، لأنّ الاستثمارات ثلاث إما نظام قطاعات أو مناطق أو استثمارات مهيكِلة، وهل المشاريع الكبرى، لأنها تأخذ وقت أطول لدراسة ملفها ستكون تكلفتها أكبر. لذلك يمكن القول إنّ وضع نصوص تطبيقية واضحة ودقيقة سيسمح بتسهيل عمل الإدارة وتطبيق هذه المراسيم من أجل فهم أدق وأوضح لفحوى قانون الاستثمار من طرف المستثمر، فالنصوص التطبيقية جاءت لتسهيل عمل الإدارة والمستثمر معا. حرص خاص ومتزايد وبالنظر إلى حرص الدولة على الاهتمام بالمناطق التي لم يكن لها في وقت سابق حظ من التنمية وإطلاق مشاريع استثمارية فيها، جاء النص التطبيقي الثاني المتعلق بكيفية تحديد المناطق التي توليها الدولة اهتماما خاصا المرتبط بنظام المناطق. وحسب ما ورد في قانون الاستثمار، الاستثمارات التي لها أهمية خاصة بالنسبة للدولة تدخل ضمن نظام المناطق التي حدّدها بشكل عام بثلاث، هي أولا الهضاب والهضاب العليا والجنوب والجنوب الكبير، ثانيا المناطق التي تتطلب تنميتها مرافقة خاصة، أما ثالثا فالمناطق التي تمتلك إمكانيات خاصة من الموارد الطبيعية تستحق التثمين. وبيّن قانون الاستثمار اهتمام الدولة بهذه المناطق أيضا من خلال منح العديد من المزايا لها، خاصة من فيما يتعلق بالضرائب سواء في مرحلة إنجاز الاستثمار أو مرحلة الاستغلال، لكن أوضح خرشي أنّ كلّ ما سبق ذكره يحتاج إلى تفصيل. لذلك تدرس الحكومة كيفية تحديد المناطق الخاصة من خلال الرسوم التنفيذية، في محاولة للتدقيق في هذه العناصر، بتحديد أين تبدأ جغرافيا، مثلا الهضاب والهضاب العليا والجنوب والجنوب الكبير، وأيضا الضبط الدقيق لما يقصد بالمرافقة الخاصة التي تتطلبها التنمية في بعض المناطق، هل هي مرتبطة بالتمويل بالنظر إلى أنّ بعض الاستثمارات تتطلب رأس مال كبير أو الربط بشبكات الماء والغاز والكهرباء. وإن كنا نتحدث عن أراضي فلاحية، هل يتطلب الأمر استصلاح الأراضي، أم أنّ القانون هنا يتحدث عن مناطق صناعية، كل ذلك سيوضحه المرسوم التنفيذي الثاني بالإضافة إلى تبيان ما هي الإمكانيات الخاصة من الموارد الخاصة وكم يجب أن تكون، وكذا تحديد قائمة الموارد هل هي غاز أم نفط أم الحديد أو فوسفات، أو الزنك. أما المرسوم التنفيذي الأخير المشروع الأخير المتعلق بتسيير الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار أو الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار سابقا، التي تعرف إعادة هيكلة كلية، أشار خرشي أنّ الدولة تعوّل عليها، لذلك فإنّ أهم شيء مرتبط بتنظيم وتسيير هذه الوكالة هو مجلس الإدارة والطريقة التي سيتم تشكيله بها، ومن هم أعضاؤه، هل هم من مديريات مختلفة كمديرية الصناعة، أم من ممثليات الوزارات، هل فيه أعضاء من الرئاسة لوجود لجنة عليا مكلفة بالطعون على مستواها، وهل هناك أعضاء من الوكالة الوطنية للعقار الصناعي، كلّ ذلك سيحدّده هذا المرسوم التنفيذي. في نفس الوقت، أكّد الخبير الاقتصادي أنّ الحديث عن مشروع المرسوم الثالث المتعلق بتسيير وتنظيم الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار يجرنا إلى الحديث عن الشباك الموحّد الخاص بالاستثمارات الوطنية والشباك الخاص بالاستثمارات الكبرى والأجنبية، وهنا أثار تساؤلا مهما هو ممّن يتكون كل واحد منهما ومن هم الأعضاء أو الممثلين على مستوى هذا الشباك، ومن أيّ قطاعات وزارية، حتى تتم دراسة الملف في فترة قصيرة، وهل تشكيلة الشباك الموحّد مختلفة عن الشباك الخاص بالاستثمارات الكبرى والاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى تحديد متى ترفع بعض الملفات إلى الإدارة العليا أيّ الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، ما يعني أنّ الجدوى لن تتم على المستوى المحلي، وهو بالضبط ما سيحدّده المرسوم التنفيذي بدقة. إلى جانب تحديدها علاقة هذه الوكالة مع الهيئات الجديدة المستحدثة كاللجنة الوطنية العليا لدراسة الطعون التابعة لرئاسة الجمهورية والوكالة الوطنية للعقار الصناعي والمجلس الوطني للاستثمار، وكذا وضع الهيكل التنظيمي لها وتوزيع السلطات والصلاحيات. من خلال تحديد كيف تتم عملية الاتصال بينهم، فكلهم لهم علاقة مع الاستثمار، لأنّ المستثمر يتعامل مع الشباك الموحّد فقط، فعندما يريد الحصول على عقار صناعي الجهة الوحيدة المخوّل لها منحه الموافقة مستقبلا هي الوكالة الوطنية للعقار الصناعي، لكنّ المستثمر يقدم طلبه على مستوى الشباك الموحّد، لذلك لا بدّ من تحديد كلّ ذلك بدقة ووضوح، من خلال مراسيم تطبيقية تحدّد بدقة الطريقة التي يتواصل بها الشباك الموحّد بالوكالة الوطنية للعقار الصناعي. وعند تطرقه إلى المنصة الرقمية للمستثمر التي تم إنشاؤها لتسهيل عملية الاستثمار التي تشرف عليها الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار سابقا، قال إنّ المرسوم التنفيذي سيحدّد نوعية الخدمات التي تقدّمها هذه المنصة، هل ستؤدي دور تزويد الإعلام والمهتمين بالمعلومات اللازمة، وأيّ نوع من المعلومات ستنشر عليها، أم أنّها تستقبل الملفات وتعالجها فقط. دعم نوعي اعتبر خرشي النصوص التطبيقية بمثابة دعم حقيقي لقانون الاستثمار، حيث تستمد أهميتها من الوضوح والدقة لتسهيلهما عمل الإدارة في معالجة الملفات، فقانون الاستثمار جاء بالخطوط العريضة ويعتبر المرحلة الأولى لإطلاق استثمار حقيقي في الجزائر، لتأتي بعد ذلك المرحلة الثانية بالتوجّه إلى التفاصيل، من خلال وضع النصوص التطبيقية والتنظيمية، لتحقيق النجاعة والجذب، للاستمرار فيما بدأت به الدولة الجزائرية بخفض الواردات والمحافظة على احتياطي الصرف، والدفع بالميزان التجاري ليكون أكثر إيجابية بإطلاق العديد من المشاريع الاستثمارية. ويذكر أنّ وزير الصناعة أوضح سابقا، أنّ «النصّ الجديد لقانون الاستثمار «يتضمّن ثمانية نصوص تطبيقية، من خلال أحكام 16 مادة تحيل تطبيقها عن طريق التنظيم، منها سبعة جديدة، وواحد تعديلي»، ليضيف في جلسة علنية للتصويت على مشروع قانون الاستثمار في مجلس الأمة، بحر هذا الشهر، أنّ «قانون الاستثمار جاء بعد ركود في الحركية الاقتصادية، منذ سنة 2018، وهذا بالرغم من الجهود التي بذلت لرفع العراقيل على المشاريع الاستثمارية، لأنّ الإطار التشريعي لا يمكن لوحده أن يحسّن من مناخ الاستثمار، لذلك وجب إصلاح باقي الحلقات التي يمر بها الاستثمار». وحرص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في عدة مجالس وزراء إعطاء توصيات متعلقة بقانون الاستثمار حتى يتبنى الشفافية المطلقة في دراسة المشاريع والمساواة بين أصحابها، «بتعزيز الضمانات المتعلقة بتكريس مبدأ حرية الاستثمار وحماية المستثمرين من التعسفات البيروقراطية للإدارة، من خلال تعزيز المنظومة القانونية»، إلى جانب تعليماته الصارمة للتخلي «عن مظاهر التسلط والسيطرة في معالجة ملفات الاستثمار وتقليص آجال دراستها إلى أقل من شهر، بالإضافة إلى اعتماد المعايير الدولية في استقطاب الاستثمارات بالتركيز على السرعة والنجاعة والديمومة.» و»تضمن جملة من التدابير الرامية، إلى تجسيد التزامات رئيس الجمهورية والمتعلقة بتحسين مناخ الاستثمار، وتوفير الظروف المناسبة، لتحرير روح المبادرة وتنويع الاقتصاد الوطني، ضمن رؤية شاملة ومستقرة».