استقبل رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون مؤخرا، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. اللقاء يؤكد على متانة العلاقات الجزائرية- الروسية وحرص البلدين على تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات. وتميز اللقاء، الذي حضره كل من مدير ديوان رئاسة الجمهورية بوعلام بوعلام، والأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج الوناس مقرمان، بنقاشات حول مجالات التعاون الثنائي وآفاق تعزيزها. يأتي اللقاء الهام ليعكس حرص البلدين على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، خاصة في ظل الظروف الدولية الراهنة وتحديات الأمن الغذائي والأمن الطاقوي التي يشهدها العالم، والصراع المتصاعد في الشرق الأوسط، لاسيما وأن روسيا أدانت الهجوم الصهيوني على غزة. وقال المندوب الروسي الدائم لدى الأممالمتحدة فاسيلي نيبينزيا، في أحد تدخلاته في الأممالمتحدة، في نوفمبر الماضي، إنه "ليس من حق الكيان الدفاع عن النفس في الصراع الحالي، لكونه دولة احتلال". إطار متين للتعاون متعدد المجالات تعكس هذه الزيارة، حسب الخبراء، قوة العلاقات الجزائرية- الروسية والتي ترتقي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وهو ما تمّ تجسيده من خلال إعلان الشراكة الاستراتيجية المعمّقة الموقع خلال زيارة الرئيس تبون إلى موسكو الصيف الماضي. ويهدف هذا الإعلان إلى تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، إذ تُعدّ الجزائروروسيا شريكين استراتيجيين في مجال الأمن والدفاع، حيث تجريان بشكل دوري مناورات عسكرية مشتركة وتتعاونان في مجال تبادل الخبرات والتكنولوجيا العسكرية. تُعدّ الجزائر من أهم موردي الغاز الطبيعي في العالم، سواء في شكله الطبيعي أو المسال، كما يسعى البلدين إلى تعزيز تعاونهما في مجال الطاقة النووية والطاقات المتجددة، وهما شريكان استراتيجيان في مجال الغاز الطبيعي وهذا ما عبر عنه في منتدى الدول المصدرة للغاز الطبيعي، وهو المنتدى الذي احتضنته الجزائر في شهر مارس الفارط. وعرفت النقاشات توافقا كبيرا في الرؤى بين الجزائروروسيا حول مستقبل الغاز الطبيعي ورفض المحاولات الغربية الساعية إلى تحجيم استخدام هذه الطاقة النظيفة. تسعى الجزائروروسيا إلى تعزيز التعاون في مجال الفلاحة، من خلال تبادل الخبرات والتكنولوجيا الزراعية، وتطوير مشاريع مشتركة في مجال الإنتاج والتسويق، لاسيما وأن روسيا تعتبر من أكبر مصدري القمح في العالم، وتسعى الجزائر الى تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه المادة الاستراتيجية ودعم ناتجها المحلي الخام في المجال الفلاحي والذي يعرف نسب نمو سنوية مرتفعة نسبيا تقدر ب7٪ ما يضعها في المرتبة الثانية عربيا ب35 مليار دولار كقيمة إنتاج فلاحي. وتُعدّ الصناعة من المجالات ذات الأولوية للتعاون بين الجزائروروسيا، حيث تسعيان إلى إقامة مشاريع مشتركة في مختلف القطاعات الصناعية، مثل صناعة المركبات والإلكترونيات ونقل المعارف ذات الصلة لتستفيد منها الشركات الناشئة في الجزائر. كما تُولي الجزائروروسيا اهتماماً كبيراً بتعزيز التعاون في مجال التكنولوجيا، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي وأنترنت الأشياء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتُؤكّد زيارة نائب وزير الخارجية الروسي إلى الجزائر، والاتفاقيات التي تمّ التوقيع عليها، والتعاون المثمر في مختلف المجالات، على أنّ العلاقات الجزائرية- الروسية تُمثّل نموذجاً يُحتذى به للشراكة الاستراتيجية الراسخة. وتُتيح هذه العلاقات، ذات التاريخ العريق والقائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، آفاقاً واعدة لتعاون مستقبلي مثمر في مختلف المجالات، بما يُساهم في تحقيق التنمية والازدهار للشعبين الجزائري والروسي، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.