يُعدُّ القرار القاضي باستحداث مؤسّسات ناشئة متخصّصة في مجال رسكلة النفايات، حلقة أخرى من مسلسل الإقلاع الاقتصادي الذي نظّر له ووضع أسسه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون منذ اعتلائه سدّة الحكم. عملية الرسكلة التي دعا إليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون، وأفرد لها مؤسّسات خاصة بموجب هذا القرار، ستكون لها نتائج إيجابية كثيرة على المستويين البيئي والاقتصادي، من خلال خلق مؤسّسات ناشئة ستُسهِم في التقليل من استنزاف العملة الصعبة والموارد الطبيعية للبلاد. تحتل البيئة مكانة عالية في نظر المشرّع الجزائري، والذي جعلها محلّ حماية بموجب ترسانة قوانين شكّلت الإطار العام لاستدامة بيئية ببلادنا كأحد الركائز الأساسية للتنمية، ليأتي قرار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون لتدعيم البرنامج الوطني الخاص بتسيير النفايات المنزلية، والذي يتضمّن إنجاز مراكز الردم التقني وإعادة تهيئة المفرغات العمومية وإزالتها. الرؤية الاستشرافية لرئيس الجمهورية لملف الرسكلة ببلادنا، سيسمح بتحقيق العديد من المكاسب التي لا يستهان بها، سواء بإنشاء مؤسّسات خاصة تُمكّن من استغلال الموارد المتاحة لتغطية احتياجات السوق من المواد الأولية –وهو ظاهر القرار-، وصولاً إلى مكاسب اقتصادية، بيئية، اجتماعية وصحية، وهو قرار جاء نتيجة تشريح الوضع الاقتصادي العام في البلاد، وإدراك جيد بأهمية المخلّفات المنزلية وحتى الصناعية ودورها في خلق قيمة اقتصادية مضافة. هذه الإستراتيجية تحمل في طياتها محورين أساسيين، أولهما تحقيق التحوّل الإيكو-اجتماعي المنشود، من خلال تعزيز دور المجتمع المدني وإشراك الشباب في إنشاء مؤسّسات خاصة تكون فاعلاً في التحوّل الاقتصادي الذي بدأت معالمه تتجسّد، وثانيهما، بيئيٌ بحت، يهدف إلى تحسين تسيير النفايات والقضاء عليها وتخفيف الضغط على البلديات والمؤسّسات المختصّة. إلى جانب ذلك، سيكون لقرار رئيس الجمهورية الأثر البالغ في تنمية الاقتصاد الأخضر، من خلال العديد من المشاريع ذات الصلة وتعزيز التربية البيئية في المجتمع، كما أنّه يعزّز من تنافسية المصانع الإنتاجية في الحصول على المواد الأولية أو أجزاء منها بسعر أدنى مقارنةً بنظيرتها الجديدة، وهو ما سيسمح بخفض التكاليف ما سيؤثر على السعر النهائي للمنتجات. المنتجات المحقّقة من المؤسّسات الناشئة المختصّة برسكلة النفايات، حتى وإن كانت أقلّ جودة، إلاّ أنّها قد تتلاءم ومتطلّبات شريحة واسعة من المستهلكين، كما أنّ هذه المؤسّسات قد تساعد في خلق فرص عمل جيدة، كما تعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة. ويأتي قرار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون كمحصّلة لدراسة عميقة تقود إلى تنفيذ إجراءات ميدانية لرسكلة النفايات والتجنّد لمواكبة طوفان الإصلاحات التي تعرفه الجزائر. رئيس الجمهورية من خلال أوامره المباشرة باستحداث مؤسّسات ناشئة متخصّصة في مجال رسكلة النفايات، قد وضع المواطن في قلب هذا التحوّل، وما عليه –أيّ المواطن- إلاّ أن يكون على قدر المسؤولية وفي مستوى تطلّعات رئيس الجمهورية بمواكبة هذه الإستراتيجية من أجل إنجاحها. وتبدأ مسؤولية المواطن من حرصه على فرز النفايات من المصدر، وصولاً إلى إنشاء مؤسّسات ناشئة تكون شريكاً في تجسيد الإستراتيجية الاقتصادية التي سطّرتها السلطات العليا في البلاد، مروراً بالتحلي بثقافة بيئية تفرض عليه التقيّد بالنصوص القانونية وبروح المواطنة. رئيس الجمهورية رمى الكرة في ملعب صناديق الدعم وحاضنات الأعمال، والتي باتت ملزمة اليوم بتكييف مشاريعها وأفكارها الابتكارية مع هذه الرؤية، مع ضرورة التفكير بجدية في وضع آليات مدروسة لتسويق المنتجات الناتجة عن عملية الرسكلة.