أبرز المدير العام للأرشيف الوطني، محمد بونعامة، أمس الأحد بقسنطينة، أهمية وضع استراتيجية موحدة لرقمنة الأرشيف الوطني بغية القضاء على الفجوة الرقمية في هذا القطاع الذي يعد بمثابة "المنطلق المرجعي" وإعطائه الاعتبار اللازم. في مداخلة له في إطار يوم دراسي بعنوان: "ذاكرة قسنطينة في مرآة الأرشيف.. زيادة الوعي ورقمنة التراث" نظم بمركز الأرشيف لولاية قسنطينة بمناسبة إحياء اليوم العالمي للأرشيف (9 جوان من كل سنة)، أفاد السيد بونعامة أن المديرية العامة للأرشيف الوطني تبدي اهتماما بالغا للبعد الأرشيفي بتنوعه والتراث التاريخي والثقافي للأرشفة، انطلاقا من إدارة الوثائق والإصلاح الإداري وصولا إلى التحول الاستراتيجي النوعي في المجال الرقمي وحوكمة المعلومة. وأضاف المدير العام للأرشيف الوطني أن اختيار ولاية قسنطينة لإحياء هذا اليوم العالمي هو "تجسيد لاعتراف السلطات المركزية بما تقدمه هذه الولاية من مجهودات معتبرة في مجال رقمنة الأرشيف تجعلها نموذجا لكل ولايات الوطن"، مشيرا إلى أن رقمنة الأرشيف تتعدى كونها تعامل مع وثيقة قديمة وإنما هي رقمنة مصدر مرجعي وفق اعتبارات ومقتضيات أساسية إدارية وجيو-استراتيجية وجيوسياسية وذات أبعاد معيارية وشرعية قانونية تنظيمية. وبدوره، أبرز والي قسنطينة، عبد الخالق صيودة، أن "الأرشيف هو أساس كل فعل إداري نظرا لكون وثيقة اليوم هي معلومة الغد وأن وضع كل الوسائل وتخصيص المنشآت المناسبة لرقمنتها وتخزينها وتسييرها هو بمثابة مساهمة في تقليص الفجوة الرقمية للمعطيات والبيانات في الجزائر كون تاريخ الوطن وحياة الأفراد والشخصيات والأحداث والمناطق تكتب من خلال الوثائق وتحفظ من خلال الأرشيف الذي من خلاله تحفظ ذاكرة الأمم". وفي مداخلة بعنوان: "الرصيد العثماني لأرشيف ولاية قسنطينة، جرد وتحليل في انتظار الرقمنة"، تطرقت الدكتورة، فاطمة الزهراء قشي، أستاذة تاريخ بجامعة عبد الحميد مهري-قسنطينة 2 إلى تجربتها في مجال الأرشفة على مدى 50 سنة لاسيما أدوات البحث والأرصدة التاريخية للدوريات كون أرشيف قسنطينة غني بمئات العناوين للجرائد والمجلات التي تعود إلى الفترة الاستعمارية إضافة إلى سجلات المحاكم الشرعية في أواخر القرن ال 18 إلى غاية منتصف القرن ال 19. ومن جهتها، أفادت الدكتورة سهام بوديبة، أستاذة بجامعة 20 أوت بسكيكدة في مداخلة بعنوان: "رقمنة سجلات المحاكم الشرعية.. مفتاح لذاكرة قسنطينة وتاريخها"، أن "المؤرخ ليس مجرد مستهلك للمحتوى الأرشيفي وإنما يساهم أيضا في ترسيخ مقوّمات التاريخ الاجتماعي لمدينة قسنطينة وتركيبتها في الفترة العثمانية ودوائر المصاهرة والحياة الخاصة للحكام". كما استعرضت من جهة أخرى عمليات الرقمنة المبنية على البرامج الرقمية من خلال الأرشفة الإلكترونية للسجلات والعقود وفق بيانات رقمية وكيفية مساهمة هذه العملية في تسهيل الولوج إلى هذه البيانات واستغلال المادة الأرشيفية.