حركية المنظومة التجارية في الجزائر.. تطورت بشكل ملحوظ منذ أن تم الإنتقال من النموذج الإقتصادي الممركز والإداري إلى اقتصاد السوق الذي يخضع لقواعد صارمة.. تكون فيه المبادرة حرة في التأسيس لمناخ جديد.. يمهد له كثرة فرص الإستثمار.. التي بدورها تؤدي إلى بروز وسائل إنتاح بشكل قد لا يتوقعه أحد.. وهذا ما يوجد عندنا اليوم. وبديهيا فإن العملية الإقتصادية تتولد عنها أسواق، التي تستقبل كل ما تنتجه المؤسسات.. ولابد في هذا الزخم من السرعة في وتيرة إفراز المنتوج المعروض على المستهلك. أن تكون هناك آلية فعالة لتنظيم ما يعرف بالمنافسة قصد معرفة حقيقة ما يجري على الصعيد التجاري. مجلس المنافسة الذي تأسس في 26 جانفي 2012 جاء من أجل أن يكون حكما لقول رأيه تجاه ما تشده «الساحة التجارية» في الجزائر.. دون الإنحياز لأحد وهو بصدد إعداد الأرضية الصلبة لنشاطه. مرجعيته في ذلك النصوص التي صدرت في مجال كيفية إيجاد المنفذ لمتابعة ميدانية لكل الحالات التي تطفو إلى السطح من حين لآخر. والشغل الشاغل للسيد زيتوني عمارة رئيس مجلس المنافسة الذي نزل ضيفا على جريدة «الشعب» هو العمل وفق قاعدة خطوة.. خطوة أي إعطاء الأولوية لكل ما يتعلق بالتوجه التوعوي الذي يراعي عامل محاورة الآخر.. وإدخال في الذهنية بأن المجلس شريك أساسي.. وعلى الجميع أن يعمل من أجل تعزيز دوره وتدعيم مكانته على المستوى الوطني. ولا يحبذ السيد زيتوني خيار الإجراءات الردعية، كونه إطلع بعمق على التجارب الخارجية خاصة منها الألمانية، الفرنسية والإيطالية، التي تعتمد على الحوار في تسوية العديد من الوضعيات الصعبة والمعقدة، ولا يتم مجاراة «القمع» إلا في حالات نادرة جدا.. وإن إستدعى الأمر اللجوء إليها فإنها تتطلب التواصل المستمر مع المعني الذي كان محل الشكوى. ونظرا للنمو الكبير لمظاهر التجارة في الجزائر.. فإن مهام مجلس المنافسة ستكبر أكثر فأكثر.. وهو مدعو أن يتكيف مع الواقع الذي يحيط بنا.. ولا يمكننا أن نصفه إلا بالصعب نظرا لعدة إعتبارات معروفة لدى العام والخاص.. لذلك فإن أبوابه مفتوحة لكل المتعاملين الإقتصاديين والشركاء الذين لهم صلة مباشرة بالفعل التجاري. وفي هذا الشأن فإن مجلس المنافسة له أدوات عمله، التي خوله إياها القانون، لكنه لا يتوانى في العمل إلى جانب الإقطاعات الحيوية الأخرى التي لها القدرة في ضبط منحى نشاطات معينة، فهناك مثلا 30 مليار دينار خسارة للخزينة العمومية ناجمة عن السلع المقلدة.. وهذا استنادا إلى مصادر إتحاد التجار والحرفيين الجزائريين تعني قطع الغيار، مواد التجميل التبغ وحتى بعض المواد الغذائية، وحتى الذهب.. كما أنه لا يمكن السكوت أبدا عن الإشهار التجاري عبر وسائل الإعلام المرئية الذي لا يخضع إلى أي مراقبة، ناهيك عن أشياء أخرى.. كانعدام لوحة الأسعار بالأسواق.. والأسواق الموازية الكبرى (تجنانت، الجرف، دي 15، السمار) هذا الواقع التجاري يستدعي أن يواكبه مجلس المنافسة ليس من باب الإشراف الإداري.. لكن من ناحية إبداء الرأي اللازم. ولذلك فإن مجلس المنافسة أقوى من أن ينظر إليه على أساس أنه جهاز إداري.. لا أبدا.. مكان عمله هو الميدان ثم الميدان كونه يتمتع بصفة سلطة ضبط إلى جانب 8 مصالح أخرى.. بالإمكان أن تسعى من أجل التقليل وكذلك التقليص من إستمرار البعض من الممارسات غير التنافسية. وفي هذا الشأن فإن المجلس بصدد الإعداد لملتقيات هامة قصد التعريف بمهام هذا التنظيم الجديد.. وبالرغم من التجربة الكبيرة التي يتمتع بها السيد زيتوني فإنه في حاجة ماسة إلى يد المساعدة.. لجعل هذه الهيئة مندرجة في إطار التصنيف العام لمؤسسات الدولة.. تعمل إلى جانب الهياكل الأخرى.. وعدم البقاء في العزلة حتى تستطيع تفعيل كل ما يصدر عنها من قرارات هامة.