يمثل اليوم العالمي للشغل المصادف لأول ماي هذه السنة، محطة لتقييم المكاسب الاقتصادية والاجتماعية من جانب، ولكن من جانب آخر لتجديد الالتزام بالعمل بمضاعفة الآداء والتحكم في الجودة، بما يضمن للمؤسسة الاقتصادية الجزائرية موقعا في الأسواق المحلية في مواجهة منافسة أجنبية تتعاظم وطأتها، ورفع تحدي انتزاع مكانة ولو متواضعة في الأسواق الإقليمية وتجاوز امتحان الشراكة الأوروبية وما يتمخض عن الانضمام المرتقب لمنظمة التجارة العالمية. إن تشخيص المشهد العام للساحة الاقتصادية والاجتماعية يكشف بشكل جلي أن الوضعية هذه السنة حققت تقدما في ظل استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي وضمان ديناميكية الاستثمارات العمومية، واتساع مساحة الشراكة مع مؤسسات أجنبية راهنت بلا تردد على السوق الجزائرية لما توفره من فرص مضمونة الربح وجاذبية تنافسية ليس من حيث ارتفاع طلب الاستهلاك فقط، وإنما أيضا لوفرة المواد المدخلة في العملية الإنتاجية وبالدرجة الأولى الطاقة بكلفة لا يعثر عليها في أسواق أخرى. ولئن كانت المكاسب ذات مدلول من حيث انتعاش سوق العمل وتحسن الأجور ناهيك عن المناخ المفتوح للمبادرة بفضل آلية الحوار الاجتماعي بين الشركاء خاصة على مستوى الثلاثية، التي تنتظرها في موعدها المقبل الذي لم يحدد تاريخه مسائل للحسم فيها، وتمكين المنظومة الاقتصادية برمتها من الانتقال إلى مستوى أكثر ملاءمة مع التحولات المحلية والعالمية خاصة ما ينجر عن تداعيات الأزمة المالية الدولية التي تضرب في عقر اقتصاديات بلدان صناعية وتهدد بالتسلل للاقتصاديات المعطلة. وبالمقارنة مع المحيط القريب فإن سوق العمل في بلادنا تعرف انتعاشا بفضل البرامج الاستثمارية ومشاريع الإنعاش في مختلف القطاعات، والى جانب الفلاحة والبناء، تمثل الصناعة التي عادت إلى الساحة بفضل رد الاعتبار لعدد من المصانع الكبرى التي أكلها الصدأ وتحولت إلى أطماع لدى قراصنة اقتصاد السوق، وتجسيد مشاريع شراكة مع أجانب من مختلف جهات العالم، القاطرة التي تدوس على البطالة أكثر فأكثر وتمكن من إنتاج القيمة المضافة بما يضع العنصر البشري في الصدارة من حيث أنه الغاية والوسيلة ضمن المعادلة التنموية. وبالفعل يمثل العامل على كافة المستويات الحلقة الجوهرية في ضمان قابلية المؤسسة للديمومة، وهو ما يرتقب أن يكرسه قانون العمل الجديد الذي يرتقب أن يخرج من أدراج الجهة المكلفة، ومن ثمة لا بديل عن تنمية العمل كقيمة اقتصادية واجتماعية في ظل ترسيخ ثقافة حماية الجهاز الإنتاجي والتوظيف العقلاني للموارد واقتصاد الأعباء والوقت الذي تستغرقه عملية الإنتاج باعتماد المعايير العالمية.