يشهد العالم تحولات اقتصادية عميقة و سريعة ، فاقتصاد السوق و العولمة إلى جانب الانضمام الوشيك للجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة يفرضون على الاقتصاد الوطني تحديات كبيرة للتأقلم مع هذه المستجدات ، و ذلك بالتخلي عن الأساليب القديمة لتسيير الاقتصاد الوطني و البحث عن الوسائل الكفيلة لمواجهة ذلك بأساليب عصرية تنصب على دعم الاصلاحات الاقتصادية ، و تأهيل الاقتصاد الوطني الشيء الذي يمكن من التخفيف من حدة الأزمات المتتالية التي شهدها و يشهدها الاقتصاد الوطني و تمكنه من تعظيم مكاسب الانضمام و تعلية عوائد التكامل الحقيقي و الشراكة المتوازنة بما يقضي الاندماج الفعال في الحركية الدولية الاقتصادية الاقتصاد الجزائر بين المرحلة 1966/1978 مع الاستقلال السياسي بدأ يتعمق الفكر الاقتصادي الوطني الذي ظهر مع الحرب التحريرية مرتكز حول مشاكل التخلف و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، و الذي جاء في كل من ميثاق طرابلس عام 1962 ثم ميثاق الجزائر عام 1964 وتجلى هذا التفكير أكثر ليؤدي سنة 1966 إلى ميلاد نموذج جزائري للتنمية ، الذي يعتمد على المخططات المتتالية و المتجسد في سياسة استثمارية متناسقة ، كان هدفه وضع جهاز إداري فعال ، أعطى النموذج الاقتصادي المتبع دور مركزي لأجهزة الدولة في تحقيق عملية التنمية ، و طرح ضرورة تطوير قطاع صناعي عمومي قوي ، حيث اعتبرت الصناعة الوسيلة الوحيدة التي تضمن اقتصاد مستقل و متكامل وهذا من خلال خطابات الرئيس الراحل هواري بومدين ، و مختلف المواثيق (الميثاق الوطني ، ميثاق الثورة الزراعية ... إلخ) تم توضيح و شرح و تبرير السياسة الاقتصادية و الاجتماعية للمرحلة 1966 إلى 1978 الوضع الاقتصادي والاجتماعي قبل 1988 نتج عن الاستعمار مباشرة خاصيات للاقتصاد الجزائري تتمثل في ثقل وزن الزراعة في الاقتصاد الجزائري و ضعف التصنيع ، البطالة و التشغيل الناقص ، انخفاض الدخل الفردي ،. لهذا تتطلب عملية التنمية الاقتصادية بذل مجهودات كبيرة للنهوض بالاقتصاد الجزائري ، حيث تظهر التبعية الاقتصادية في أشكال مختلفة : تبعية تجارية مالية و بشرية إضافة إلى أن الاقتصاد الجزائري فتلك الآونة كان اقتصاد ضعيف و هو نتيجة للتبعية الاقتصادية ، و الذي يتمثل في ضعف هيكل المبادلات الخارجية ، و في العلاقات المالية ، كل هذه العوامل أثرت سلبا على الإنتاج و التسيير و التنظيم ، و إنعاش الاقتصاد الجزائري من جديد الدينار الجزائري بين الاستقلال والاحتلال الدينار الجزائري هو الوحدة الأساسية للعملة الجزائرية، وعند الاستقلال كان أهم ما يميز النظام المصرفي الجزائري التبعية المطلقة للنظام الفرنسي وأن جميع التعاملات كانت تتم من الفرنسيين كما أن المؤسسات التي تركها الأجنبي لم تتمكن من مواصلة عملها بسهولة لعدم حصولها على مصادر تمويل سهلة كل الظروف السابقة جعلت السلطات الجزائرية حين حصولها على الاستقلال إلى العمل على بتر كل نشاط مصرفي فرنسي من الجزائر والقيام بالقضاء على التبعية للاقتصاد الفرنسي في النشاط المصرفي ولذلك فقد مر الاقتصاد المصرفي الجزائري بعدة تطورات قبل أن يصل إلى ماهو عليه الآن فقامت الحكومة الجزائرية بعدة خطوات وإجراءات في المجال المصرفي ومن هذه الإجراءات إنشاء الخزينة الجزائرية ثم يليها البنك المركزي الجزائري وذلك بمقتضي القانون رقم 44/62 بتاريخ 13 ديسمبر 1962 هذه الخطوات كانت بمثابة وسيلة تمكين للمؤسسات الجزائرية من تخطي الأزمة المالية التي واجهتها بعد الاستقلال ثم استكملت السلطات الجزائرية سيادتها من خلال إصدارها العملة الوطنية الممثلة في الدينار الجزائري والذي تم إصداره عام 1964 بقيمة 18غرام ذهب وهذه القيمة كانت مساوية لقيمة الفرنك الفرنسي في ذلك الوقت والبنك المركزي كان هو المسئول عن عملية إصدار وإدارة النقود الوطنية منذ إنشائه ونتيجة تعنت المؤسسات الأجنبية قامت السلطات الجزائرية بمصادرة وتأميم الكثير من المنشآت المالية والمصرفية ثم إنشاء نظام مصرفي وطني يتم الاعتماد عليه , مع الأخذ في الاعتبار أن إنشاء البنك المركزي الجزائري لايعني زوال البنوك الأجنبية بل ظلت موجودة تمارس نشاطها ولكن بمنوال ضعيف جدا وظلت كذلك حتى تم تأميمها بين عامي 1966 و 1967 ومن هذه الخطوة تغير النظام المصرفي الجزائري بشكل جذري عن النظام المصرفي المتوارث من المحتل واستردت الجزائر سلطتها على النظام المصرفي الخاص بها. مسار التنمية الاقتصادية و التحول الاجتماعي تسعى الدول السائرة في طريق النمو و من بينها الجزائر إلى اجتياز أسباب التخلف ، و محاولة اللحاق بالدول المتقدمة ، و بالتالي إحداث تغييرات اجتماعية شاملة ، أي محاولة تحديث مجتمعاتها من خلال توجيه اهتمامها لزيادة الدخل القومي و رفع مستوى المعيشة بين الأفراد ، و ذلك من منطلق الأخذ بأسلوب التنمية الشاملة و الاهتمام على الخصوص بالاتجاه نحو التصنيع ، الذي تنظر إليه هذه الدول نظرة متميزة ، باعتباره يمثل أفضل الحلول المتاحة لاستغلال مواردها الطبيعية و استثمار طاقاتها البشرية ، إذ يوفر لأفراد المجتمع المزيد من فرص العمل المنتج ، و بالتالي يمكنها من تقليص الفجوة العلمية و التكنولوجية و الاقتصادية القائمة حاليا بينها و بين المجتمعات المتقدمة و لقد تبنت الجزائر هذا الاتجاه، إذ وجهت القيادة عنايتها إلى وضع إستراتيجية للبلاد ، تميزت بتنوع السياسة الاقتصادية المعتمدة. و قد ارتكزت عملية التنمية أساسا على التصنيع ، و ذلك نتيجة لظروف و بواعث اقتصادية و اجتماعية أحدثها التطور العام ، و عليه فقد اجتاز مجتمعنا المعاصر خلال أكثر من ثلاثة عقود ، تحولات تظهر للعيان في الكثير من المجالات ، و أن هذه التحولات التي تحدث في المجتمع إنما تفصح عن نفسها في أفكار الأفراد و قيمهم من خلال الممارسات و السلوكات المختلفة ، و ذلك على اعتبار أن أي تغير يطرأ على أي نسق من أنساق المجتمع ، لابد أن يمس بشكل أو بآخر بقية الأنساق الأخرى المشكلة لبناء المجتمع مما يؤدي في النهاية إلى حدوث تحول ملحوظ في مكونات البناء الاجتماعي و لا شك أن المنهج التنموي الذي تم إتباعه بعد الاستقلال هو نتيجة طبيعية لمسار كفاح التحرير الوطني الذي يعد بدوره استمراراً للحركة الوطنية. و مهما يكن من أمر فان ما يميز أساسا المجتمع الجزائري المعاصر هو بالتأكيد إشكالية التحول التي نجدها على مستوى كافة نظمه ، سواء أخذنا كل نظام على حدة أم في مجملها ، ولهذا فإن التجربة التنموية في الجزائر في المجال الاقتصادي و الاجتماعي هي بدون شك تبرز بوضوح هذه الإشكالية وتميز الاقتصاد الوطني من فترة الثمانينات إلى غاية اليوم بتحول اقتصادي مغاير ، يتمثل في انتهاج أسلوب الإصلاحات و المرور إلى نظام اقتصاد السوق كان القطاع الزراعي يمثل أولويات اهتمام القائمين على الاقتصاد الجزائري من حيث العمل على تطويره ، و ذلك بالاعتماد على أساليب تنظيمية و إجراءات اقتصادية مكنت من سد بعض الفجوات و الاختلالات جراء الفراغ الإداري و التنظيمي اللذين أحدثهما هروب الكفاءات الفرنسية بعد الاستقلال السياسي مباشرة مرحلة الاقتصاد المخطط تعد هذه المرحلة انطلاقة جديدة ، متميزة في تاريخ المسار التنموي في الجزائر ، تجسدت في ارتباط القرار السياسي بالمسعى الاقتصادي ، إذ تمكنت الجزائر من إعادة النظر في الملكية و الوسائل الإنتاجية ، و تبني أسلوب التخطيط كأداة لتوجيه عملية التنمية و تنظيمها ، فكان ذلك بمثابة نقطة التحول حيث دخلت الجزائر تجربة صياغة إستراتيجية شاملة لبلوغ التقدم الاقتصادي و الرفاه الاجتماعي ، تقوم هذه الإستراتيجية على إزالة الاختلال و التشوه فيما خلفه الاستعمار في البنية الاقتصادية ، و بالتالي محاولة تنفيذ خطة تتميز بالانتقال النوعي إلى اقتصاد قوي ، قادر على تخطي مظاهر التخلف اعتمادا على التخطيط في ضبط الوسائل و تحديد الغايات ولقد ساعد في تنفيذ هذا المسعى تلك الإجراءات المرتبطة بمبدأ التأميم و إعادة الثروات الوطنية، و عليه فقد أصبحت سياسة التخطيط ميزة جلية ترتبط بكيفية تحقيق التنمية كعملية إجرائية ، و لذا يمكن وصف التخطيط الاقتصادي بأنه ” محاولة إرادية مباشرة أو في بعض الحالات إجراء مراقبة على مستوى بعض المتغيرات الأساسية في اقتصاد البلاد على مستوى الدخل و الاستهلاك وتوفير مناصب العمل و الاستثمار و الادخار و التصدير و الاستيراد لقد أكد برنامج طرابلس و ميثاق الجزائر على أهمية التخطيط المستند إلى العلم ، باعتباره الأسلوب الأمثل لتوجيه الاقتصاد و السير به في طريق الديمقراطية. فهو الأسلوب الفعال لضمان تنمية البلاد تنمية شاملة و منسجمة ، حيث تستهدف خطط التنمية تغيير الهيكل الاقتصادي المشوه و إعادة بنائه باتجاه زيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية في الإنماء لضمان استمرارية التنمية ، و ذلك بتطوير قوى الإنتاج و رفع إنتاجية العمل من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة ، للوصول بكل ذلك إلى تقدم الإمكانات الذاتية للبلاد و استقلالها ، و زيادة التراكم الحقيقي و بالتالي الخروج من التخلف. اقتصاد الجزائر في عهد بوتفليقة حقق رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مكاسب عديدة منذ توليه كرسي الرئاسة لبلد المليون ونصف المليون شهيد وهي مكاسب وانجازات داخلية وخارجية واقتصادية، شكّلت أساسا لانطلاقة نحو جزائر جديدة منفتحة على استثمارات خارجية يشجِّعها سن تشريعات وقوانين انفتاحية تنسجم مع العولمة ومنظمة التجارة العالمية، ونشاط دبلوماسي رئاسي ، إقليمي وعربي ودولي كان الرئيس بوتفليقة بدّل كثيرا من الجهد خلال السنوات الخمس من عُهدته الأولى في جعل الاقتصاد الجزائري ينهض من جديد بحلة جديدة أمام العالم خاصة بعد العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر والتي كادت أن تودي بالجزائر إلى الهاوية لولا حنكة بوتفليقة التي لا يختلف عليها اثنان.ويعد المخطط الخماسي للفترة المقبلة أهم خطوة قام بها بوتفليقة حيث خصص له حوالي 286 مليار دولا ر مما فتح شهية العديد من دول العام العربية والأجنبية للاستثمار في الجزائر واخذ حصة من هذا المبلغ الذي اعتبره الكثير من المحللين الاقتصاديين خطوة عملاقة في تاريخ رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مما سينعش الحركة الاقتصادية الجزائرية وفتح الباب علة مصراعيه أمام تطور ونهضة اقتصادية كبيرة وشاملة لم تعرفها الجزائر إلا عهد عبد العزيز بوتفليقة .