أذكت مجازر 8 ماي 1945 روح المقاومة لدى الجزائريين الأحرار الذين فهموا فهما سريعا.. بأن الاستعمار لا تليق معه الا لغة السلاح، فالذي استولى على الارض بالقوة لا تشرد منه الا بالقوة. تلك الحادثة الأليمة في مسيرة الشعب الجزائري بقيت راسخة في أذهان المناضلين الأوفياء للقضية الوطنية الذين وضعوا نصب أعينهم بأن مطلب الاستقلال لايمكن التنازل عنه أبدا.. ومن 8 ماي 1945 إلى 1 نوفمبر 1954،، حوالي عشر سنوات،، ونخبة هذا الوطن تفكر ليل نهار كيف تشعل فتيل الثورة في وجه احتلال استيطاني،، والذين اعتقدوا بأن ما وقع يوم 8 ماي 1945 كان الضربة القاضية التي طرحت الجزائريين أرضا. قد اخطأوا في حساباتهم «الاستراتيجية» بعد كل هذه المدة اندلعت شرارة الثورة المباركة،، وسقطت كل الحسابات التي اعدتها الدوائر الاستعمارية،، على ان هذا الشعب لاينتفض،، ويقبل بالامر الواقع،، وتناسوا بأن قتل 45 الف جزائري،، لايغتفر لهم،، ومهما كان الامر فان الرد سيكون صاعين. في هذه الفترة الحاسمة،، عمل الجزائريون بكل ما يملكون من دهاء وعبقرية على اعداد الشعب الى اليوم المشهود وهذا من خلال اطلاعه بكل الجرائم المقترفة،، ودعوة الجميع خاصة المهيكلين في الاحزاب الى المواجهة التاريخية يوم 1 نوفمبر 1954. وتعهد كل الوطنيين الذين يؤمنون ايمانا قاطعا بالخط الثوري على تحرير البلاد مهما كانت التضحيات.. وهذا الخيار لارجعة فيه،، لان الاستعمار تجاوز الخط الأحمر،، وماعليه الا ان يدفع ثمن ماتعرض له الجزائريون في سطيف وقالمة وخراطة من قتل وتنكيل والقاء بأبنائه البررة في الأفران. هذا لم يمر أبدا مرور الكرام على الجزائريين،، وخاصة حزب الشعب الذي قاد المظاهرات يوم 8 ماي في مناطق عديدة من سطيف وقالمة وخراطة، كانت سلمية بحتة طالب ابناء هذا الشعب بتطبيق وتجسيد التعهدات المتعلقة بانعتاق كل الشعوب المستعمرة التي قاومت النازية،، لكن الامر لم يكن مثلما اعتقده الذين دعوا فرنسا الى احترام التزاماتها والتي صوبت باتجاهم بنادقها. قد يخطيء من يعتقد بأن هذه الجرائم تمحى من ذاكرة الجزائريين،، مهما كانت الظروف فان أعمال الابادة التي ارتكبت ضد الجزائريين لن تسقط بالتقادم،، وهناك عمل جبار قامت به جمعية 8 ماي 1945، في عهد بشير بومعزة التي اعدت ملفا موثقا،، اودع لدى الدوائر القضائية الفرنسية وحتى الاوروبية لكن بقيت كل الوثائق حبيسة الادراج،، والتماطل حتى تجاوزت المدة التي كانت هناك حرارة قوية لتحريك هذه القضية المتعلقة بالجرائم الاستعمارية في الجزائر،، واليوم ليس هناك من يتابع مثل هذه المسائل لأن المعنيين المباشرين تفطنوا لمسألة حساسة وهي تلاعبات اللوبيات في فرنسا لتعطيل اي مسعى جزائري في هذا الشأن أي كل مايتعلق بكفاح الجزائريين.