قطع الجيش الوطني الشعبي أشواطا معتبرة في تجسيد مخططه الاحترافي من خلال تبني مناهج واستراتيجيات حديثة مكنته من تبوأ مكانة ريادية أمام أعتى القوى العسكرية في العالم. وقد ساهمت العديد من العوامل في ترقية أداء جيشنا من خلال تمسكه بالذاكرة وتاريخ البلاد كونه سليل جيش التحرير الوطني، حيث بقي هذا العامل دائما حافزا معنويا لتقديم الأحسن والالتزام بالوفاء والإخلاص والاستعداد دائما للتضحية. واستفادت المؤسسة العسكرية من خلال مختلف المراحل التي مرت بها البلاد من الظروف والعوامل الصعبة التي جعلته دائما في موقع تحدي وتأهب جعلت الجزائر دائما في موقع قوة، ورغم فتوته غداة الاستقلال تمكن الجيش الوطني الشعبي من حماية الحدود وتجنيب البلاد الفتنة بعد بعض الاختلافات السياسية التي حدثت اثر طرد المستعمر حيث ظل دائما محايدا في خدمة الشعب والسلطة. ولم يتأخر الجيش الوطني الشعبي في الاستجابة للأمة العربية من خلال مشاركته في الحروب ضد إسرائيل وقلبه لموازين القوى ورد الاعتبار خاصة في حرب 1973 أين سجلت الفيالق الجزائرية اسمها بأحرف من دماء في جبهة سيناء. وكانت سنوات التسعينات أصعب وأخطر تحدي للمؤسسة العسكرية حيث وقفت موقف بطولي ضد الإرهاب والتطرف وقدمت الكثير للحفاظ على الجمهورية وحماية الشعب الجزائرية، ورغم الحصار الدولي والضغوطات الممارسة تمكن الجيش الوطني الشعبي من الخروج بأكثر قوة بل أصبح قدوة لجميع جيوش العالم في محاربة الإرهاب بفضل الخبرة المكتسبة وأدائه الراقي ومراعاة الجانب الإنساني. وقد كان الاعتداء الإرهابي على تيقنتورين اختبارا آخر لقواتنا المسلحة حيث حاولت بعض الدول العمل على التدخل في المنطقة ولكن حنكة المغاوير ومختلف أسلاك الأمن كانت أحسن رد من خلال القضاء على المجموعة الإرهابية وتحرير مئات الرهائن بطريقة احترافية جعلت الرهائن الغربيين يثنون على دور الجيش وكانوا بمثابة «شهد شاهد من أهلها»، حيث انقلبت الصورة التي كان الكثيرون يحاولون استغلالها لتسويد صورة الجزائر والإساءة للمؤسسة العسكرية غير أن الأمور انقلبت بسرعة وتحولت المؤامرة الى اعتراف دولي بقدرات الجزائر واحترافية جيشها. وعليه، فمتابعة تخرج الدفعات من مختلف المدارس العسكرية سيزيد من حصانة الجزائر وتعزيز مكانتها في جميع المجالات بفضل احترافية ومكانة المؤسسة العسكرية التي تستحق كل التقدير والاحترام. وما يزيد في فخر هذه المؤسسة هو تشكيلتها المشكلة من أبناء الجزائر من جميع المناطق، وهو ما يعتبر سر قوتها فكل الفوارق تذوب في سبيل حماية الجزائر والشعب الجزائري في صورة نادرا ما نجدها في مختلف جيوش العالم. وما زاد في تقدير الجيش هو حضوره في كل المصاعب التي مر بها الشعب الجزائري وخاصة أثناء الكوارث التي ضربت البلاد من زلزال الشلف في 1980 الى فيضانات باب الوادي، وزلزال بومرداس في ماي 2003، وغيرها من المحن التي ألمت بالجزائر. ويلعب الجيش حاليا دورا كبيرا على مستوى الحدود بعد أحداث الربيع العربي وأزمة الساحل، حيث ورغم طول الحدود التي تفوق 6000 كم مع مختلف الدول وصعوبة التضاريس في أكبر صحراء في العالم إلا أن دحر كل المؤامرات والتصدي للجماعات الدموية والمخططات الخارجية بامتياز أدخلت اليأس في الأعداء، فألف تقدير لهؤلاء الذين ضحوا بأنفسهم وأهليهم من أجل أن نتمتع نحن بالسلم والأمن .