تحتضن الدول العربية والأوروبية على مدار السنة عددا هائلا من التظاهرات الدولية ،الثقافية منها والفنية، والتي تستضيف من خلالها شخصيات وأسماء لامعة، من أدباء ومفكّرين وفنانين، يكون لهم وقع الصدى في تعميق الروابط والعلاقات بين مختلف الدول المشاركة. تعتبر هذه التظاهرات فضاءً مفتوحا لمختلف الدول المنظّمة لها، لتجسيد التعاون الثقافي والفني فيما بينها، من خلال مشاركة رجال الثقافة والأدب في هذه الفعاليات، والعمل على خلق تواصل مستمر فيما بينها لا ينتهي بانتهاء التظاهرات. وتعدّ الجزائر واحدة من الدول التي لا تتوانى في تنظيم تظاهرات قافية وفنية دولية، تتوزّع عبر مختلف ولايات الوطن، لا سيما منها العاصمة التي تستضيف كبرى التظاهرات، آخرها المعرض الدولي للكتاب الذي استقطب مئات الكتاب والأدباء والناشرين، حيث كان قصر المعارض بالصنوبر البحري فضاءً رحبا لالتقاء الثقافات العربية والأوروبية، وترسيخ العلاقات فيما بين المشاركين على المدى الطويل، إلاّ أنّ التعاون والالتقاء لا يجب أن يقتصر على التظاهرات فحسب وينتهي بانتهاء الحدث، وبعودة كل واحد إلى موطنه، وتبقى الفعاليات بمختلف مشاربها مجرد ذكرى. «الشعب» ورغبة منها في معرفة مدى العلاقات الثقافية بين الدول العربية على وجه الخصوص، وعمّا إذا كانت هذه التظاهرات تجسّد فعلا التعاون الثقافي بين الدول الشقيقة، اقتربت من بعض الناشرين العرب لمعرفة انطباعاتهم في هذا المجال، حيث أجمعوا على حسن العلاقات والتبادل الثقافي فيما بينها، عاملين على تجسيد التواصل الفعلي على المدى البعيد، وهو الهدف حسبهم من هذه التظاهرات، مؤكّدين أنّ دور نشر عربية تعاملت وما تزال تتعامل مع كبار الكتاب الجزائريين. «التجانس بين الدول يكون عن طريق الثقافة» أشار مصطفى سالم مسؤول التسويق بدار العين للنشر، أنّه سعيد بمشاركته في المعرض الدولي للكتاب في الجزائر، على اعتبار أنّ هذه المعارض تساعد على التجانس بين الدول العربية على وجه الخصوص، وتبادل الثقافات فيما بينها، فضلا عن تحقيق التلاحم في مختلف الميادين. وأضاف مصطفى سالم بأن التجانس بين الدول يكون بالدرجة الأولى عن طريق الثقافة، كونها يقول تعتبر مجالا خصبا لتبادل الأفكار، وتوطيد العلاقات على اعتبار أنه بالثقافة تبنى الأمم. وفيما يخص العلاقات الثقافية بين الجزائر ومصر، أشار إلى أنّ البلدين تجمعهما علاقات قوية في هذا الميدان بعيدا عن كل المشاكل التي حصلت فيما سبق، حيث تبقى حسبه العلاقات أقوى من أي شيء آخر. وعن تعامل دار النشر المصرية مع دور نشر جزائرية، أكّد مسؤول التسويق أنّ «دار العين للنشر» تعاملت مع دار القصبة للنشر، الشهاب، دار الاختلاف للشاعرة الكبيرة زينب الأعوج، مشيرا أيضا إلى أنّهم تربطهم علاقات قوية مع مختلف المثقفين الجزائريين، حيث تعاملت «دار العين» مع عديد الكتاب والمؤلفين، وقامت بإصدار خلال السنة الجارية رواية «موت في وهران» لحبيب بسايح، والتي شهدت بيعا بالتوقيع بهذا الجناح بحضور كاتبها، إلى جانب رواية «ثقوب زرقاء» للكاتب الخير شوار، وديوان شعري للشاعر بوزيد حرز الله. وأضاف المتحدث أنّ دار النشر للعين ستواصل تعاملها مع الكتاب الجزائريين، في إطار ترسيخ العلاقات بين البلدين، وبين المؤلفين الجزائريين والمصريين، مشيرا في سياق حديثه، إلى أنّ الثقافة ستبقى الرافد الأساسي لتلاحم الشعوب العربية والتقائها بعيدا عن الأمور الأخرى التي تنغص العلاقات بين البلدان، وأضاف بأنّ القارئ بدوره يساهم في ربط الأواصر فيما بيننا، من خلال إقباله على مختلف الإصدارات في المجالات السياسية، الأدبية، العلمية، الدينية وحتى الاقتصادية، وما هو حسبه إلا دليل على اهتمامه بالشأن العربي بمختلف مشاربه. تواصل بين الكتّاب الجزائريين ومنشورات «الجمل اللبنانية» من جهته، اعتبر ممثل «منشورات الجمل» العلاقات الثقافية بين لبنانوالجزائر جيدة، فضلا عن العلاقات على المستوى الشعبي التي اعتبرها مميزة، وقال إن القارئ الجزائري يقبل بكثرة على الكتب اللبنانية، والتي عادت بدورها إلى القارئ والمثقف وبشدة، مشيرا إلى أن هناك اتصال وتواصل مستمر فيما بينهما، وهذا ما يتجلى له يقول كمسؤول وممثل لدار نشر لبنانية. وأضاف المتحدث أن هناك اجتماعات بين دور نشر لبنانية ودور نشر جزائرية كبيرة، بدأت من أول يوم لبحث التعاون والتبادل الثقافي فيما بينها، وإن شاء الله سيكون هناك تعاون لتحقيق مبدأ النشر المشترك بين مختلف الدول العربية، خدمة للقارئ وللكتاب العربي، والعمل على نشر الفكر والإبداع العربي. وفيما يخص أهم المؤلفين الذين تعاملت معهم «منشورات الجمل»، أكّد أنّ هذه الأخيرة تعاملت مع كبار الكتاب الجزائريين من بينهم الروائي الراحل الطاهر وطار وروايته «الولي الطاهر»، إلى جانب واسيني الأعرج، حيث صدر له عن «منشورات الجمل» أجمل رواياته من بينها «البيت الأندلسي»، «جملكية أرابيا» و»سيدة المقام»، وأيضا رواية هاجر قويدري تحت عنوان «نورس باشا» الحائزة على جائزة الطيب صالح للرواية العربية سنة 2011. «العلاقات الثقافية الجزائرية السورية نحو الأحسن» واعتبر رضوان الشيخ نجيب مندوب دار المكتبي السورية، أنّ هذه التظاهرات فرصة لالتقاء الكتاب والمفكرين والمثقفين من مختلف الدول العربية، مشيرا إلى أنّه قبل المعرض الدولي للكتاب في الجزائر، كانت لهم مشاركة بمعرض تونس، ثم ينتقلون بعد انتهاء تظاهرة الجزائر إلى المعرض الدولي للكتاب بالشارقة، بعدها الكويت،مؤكّدا أنّها فرصة مناسبة لتجسيد التبادل الثقافي بصفة عامة، وخدمة الكتاب بصفة أخص. وأضاف رضوان الشيخ أنّ العلاقات الثقافية بين الجزائر وسوريا تسير دائما نحو الأحسن، كما أنّ هناك يقول تبادل جامعي بين طلاب البلدين، وأيضا بين دور النشر الجزائرية والسورية. وأكّد المتحدث على أنّ الدول العربية، بالرغم من تعاونها، تبقى بحاجة إلى مجهودات من قبل القائمين على هذا القطاع، وإلى برامج مهمة ونشاطات متتالية وخطط ثقافية وإبداعية وأدبية كثيرة للنهوض بالوضع الثقافي، وقال: «مهما عملنا لكي ننهض بالوضع الثقافي ونصل به إلى مستوى عال ويرضينا، إلا أننا نبقى دائما بحاجة إلى جهود جبارة جدا، وإلى برامج مهمة ونشاطات متتالية وخطط ثقافية وإبداعية وأدبية كثيرة حتى تنشط هذه الثقافات»، مضيفا أنّه على الدول العربية التفكير في تقديم لقاءات وملتقيات تخدم الوطن العربي ثقافيا وفنيا.