بمجرد أن خرج من السجن في فيفري 1990، شرع الزعيم الافريقي نيلسون مانديلا في جولة قادته إلى عدد من الدول التي طالما رافعت من أجل اطلاق سراحه وإلغاء نظام الأبرتايد بل وساعدت الأفارقة في كفاحهك المسلح وتحقيق الحرية، وكانت الجزائر في مقدمة هذه الدول، وقد خصت الزعيم الذي حل بها في ماي 1990 أي بعد ثلاثة أشهر من مغادرته السجن باستقبال الأبطال وبحفاوة تنم عن التقدير الذي يكنه الشعب الجزائري لنظيره الجنوب إفريقي خاصة وأن كليهما عانى الويلات في ظل أنظمة استعماريةوعنصرية غاشمة وما أن خطت أقدام مانديلا أرض الجزائر، حتى وقف يذكر بفخر وإعتزاز أسماء الشهداء الأبرار الذين غذوه كما قال بالشجاعة والقوة، وروح التضحية وكانوا قدوته في تبني النضال المسلح ومصدر تحديه وصبره على سنوات السجن الطويلة والمريرة... لم ينس الزعيم الافريقي عظماء الجزائر الذين وفي أصعب ظروفهم، وفي أوج الكفاح المسلح، كانوا يدربونه ورفاقه على استعمال السلاح لمجابهة نظام الميز العنصري بقوة الحديد والنار... لقد ذكرهم بالاسم الواحد تلو الآخر، بن مهيدي الذي سقط شهيدا تحت التعذيب الوحشي الذي امتد إلى سلخ جلده عن جسده وهو حي، ثم كريم بلقاسم ومصالي الحاج وتوفيق بوعتورة وبن خدة وفرحات عباس وامحمد بزيد، وغيرهم مانديلا الزعيم لم ينس صناع ثورتنا الذين احتضنوه ورفاقه ليدربوهم على استعمال السلاح، كما لم ينس فضل الجزائر التي ساعدت شعبه حتى استطاع أن يستعيد حريته ومواطنته... لقد تذكر مانديلا وذكر بوفاء من صنعوا مجد الجزائر في كلمته التي ألقاها بالجزائر لما حل ضيفا عزيزا عليها، ولم يكن غريبا ذلك من رجل أدرك بأن إحتفاظ ذاكرته بأسماء أبطالنا هو أبسط عرفان لهم وهم الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تحرير بلادهم، وفي أحلك ظروفهم لم يبخلوا على الشعب الافريقي بالدعم والمساندة ويمثل وفائه وبمقدار عظمته، استقبل الجزائريون مانديلا، واليوم يحز في أنفسهم رحيله وقبل ذلك ماعاناه لكنه في الأذهان سيظل بطلا وزعيما والتاريخ حتما سيحفظ إسمه.