يعد الخبز من بين المواد الغذائية الأساسية على مائدة المواطنين الجزائريين، لكن للأسف هذه المادة هي الأكثر استهلاكا، إلا أنها، من جهة أخرى، من أكثر المواد تبذيرا، وذلك راجع، بحسب ما أكده جل المواطنين ممن تحدثت إليهم «الشعب»، إلى نوعيته الرديئة، حيث يتحول الخبز بعد 12 ساعة إلى 20 ساعة إلى ما يشبه قضيب مطاطي يصعب هضمه بل وحتى تقطيعه. سكان ولاية تيزي وزو أجمعوا على عدم تبذير الخبز، حيث لا يرمون هذه المادة في النفايات، فنادرا ما نشاهد الخبز في القمامات والنفايات، حيث تقوم العائلات بجمعه ومنحه لمربي المواشي الذين بدورهم يستغلونه ليكون علفا للحيوانات، فمعظم العائلات بمنطقة القبائل ينتظرون هؤلاء الفلاحين الذين يطرقون أبوابهم مرة في الأسبوع لجمع الخبز، إلا أن هذا لا يمنع من تسجيل تبذير كبير في الخبز عبر الولاية. وأرجع جل من استفسرناه من المواطنين سبب التبذير، إلى نوعيته التي وصفوها بالرديئة، حيث أن الخبز سرعان ما يتحول بعد 12 ساعة إلى 20 ساعة إلى شبه قضيب مطاطي يصعب هضمه بل وحتى تقطيعه، والسبب في ذلك، بحسبهم، هو افتقار الخبازين للمهنية والخبرة في صناعة الخبز، فمعظمهم لا يملكون مقاييس العمل، كما أن غياب مدارس متخصصة ساهم في تكريس غياب المهنيين والمختصين في صناعة هذه المادة. كما دعا آخرون إلى عدم منح تراخيص فتح مخابز للأشخاص الذين لا يملكون تخصصا وتكوينا في المجال وكذا المؤهلات اللازمة، فالعديد منهم -للأسف- يفتقدون للخبرة، ناهيك عن عدم التزام النسبة الأكبر من الخبازين بالمقاييس والمكونات التي تدخل في صناعة الخبز، الذي ينبغي أن يتضمن عناصر تحول دون تلفه السريع، بحيث أن الخبز في الدول الأوروبية يحافظ على شكله ومذاقه، عكس ما هو متوفر عندنا الذي يتحول إلى «كاويتشو» أو «بلاستيك» كما يسميه البعض، ولا عجب في أن يعاني معظم الجزائريين من أمراض مختلفة في الجهاز الهضمي، نتيجة تلف هذا الأخير بعد ساعات فقط بعد خروجه من الفرن مما يصعب من عملية مضغه بل وتقطيعه ليكون مصيره الإلقاء به في القمامة. وبالعودة إلى المختصين، فقد تم الاستنتاج أن الخبز الأبيض الذي نتناوله ليس صحيّا، بل إنه وراء عديد الأمراض التي أصبح الجزائريون يعانون منها على غرار القولون وأمراض المعدة وسوء الهضم، وعليه فمن الضروري أن يستغني الفرد منا وبشكل تدريجي عن الخبز الأبيض. ونتيجة ذلك، فإن ما سجلناه في السنوات الأخيرة، أن عديد المواطنين يعودون إلى «المطلوع» وخبز الطاجين المصنوع من دقيق القمح الصلب أو السميد، باعتباره مغذيا أكثر، كما أن بساطة تحضيره وخلوه من المواد الكيماوية المضافة، باستثناء الخميرة، جعل منه أكثر صحية، وهي المادة التي نادرا ما نسجل تبذيرا فيها، كونها محبوبة لدى السكان وتعد من صميم عاداتهم في تحضير مختلف الأطباق. وأشارت السيدة يامينة، أنها أصبحت تلجأ الى شراء المطلوع في السنوات الاخيرة، خاصة مع كثرة تسويقه، كون الخبز يرمى يوميا ويبذر، فتزهد العائلة في تناوله بعد أن يمر عليه وقت، كونه يفتقر لأي مذاق، فتكون النتيجة التبذير، بالرغم أننا ننبذ التبذير في نعمة الله، مشيرة في كلامها أنه بدل الحديث عن التبذير، يجب البحث اولا عن سبب ذلك، الذي، بحسبها، راجع الى النوعية المتدنية للخبز الأبيض السريع التلف. وفي سياق مغاير، فإن ولاية تيزي وزو سجلت في الآونة الأخيرة تسويقا ملفتاً للمطلوع والكسرة التقليدية، حيث تسوق في كل مكان، حتى عبر الطرق السريعة، والمستهلك لا يتردد في شرائه، إلى جانب بروز محلات بيع الخبز التقليدي، مما يفسر عودة السكان إلى تقاليدهم الغذائية القديمة والتي كانت أكثر انضباطا وصحية.