من الملفات التي تحظى بالكثير من الترقب، تتويج مسار التفاوض مع المنظمة العالمية للتجارة بالانضمام والحسم في جولات ماراطونية مكثفة وطويلة خاضتها الجزائر. ومع كل ذلك، مازال الخبراء يتوقعون أن الانضمام النهائي لن يتحقق قبل نهاية 2016. وتصب مجمل مقترحات المختصين، في استحداث قانون ضد الإغراق، لحماية المنتوج الوطني من المنافسة الشرسة، خاصة عقب التوقيع على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي إلى غاية استعادة تنافسية المنتوج المحلي. بتشريح دقيق وتقييم عام لمسار التفاوض مع المنظمة العالمية للتجارة، يعتبر الخبير الاقتصادي والمالي، أمحمد حميدوش، أن الانضمام في حد ذاته مسار معقد يتفاوض فيه مع عديد الدول ويتفق معها على الرسوم الجمركية، إلى جانب وجود اتفاق عام يفرض أن يتم مع جميع الدول، ثم الاتفاق العام الذي يرى الخبير أنه يتضمن إشكالا؛ يتعلق الأمر بكون الجزائر اتفقت مع الاتحاد الأوروبي ولم تتفق مع بقية دول المنظمة. ولم يخف في سياق متصل، أن كل دولة تطالب، على حدة، بافتكاك المزايا وعلى سبيل المثال الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا، كما أنه يشترط، بحسب الخبير حميدوش، خلال الاتفاقات الثنائية خلال الجمعية العامة، أن يحسم الأمر مع ثلثي الدول من أجل ضبط قائمة التعريفة الجمركية، التي تضم ما لا يقل عن 4590 منتوج. وللإشارة، فإن الاتفاق يتم حول منتوج بمنتوج ورسم برسم. واعترف الخبير المالي والاقتصادي، أن طريقة التعامل مع ملف الانضمام لمنظمة التجارة العالمية في الوقت الراهن، تجري بشكل إداري بيروقراطي، حيث تنتظر المراسلات الرسمية والأسئلة لتتلقاها الوزارة المعنية ثم تترجم باللغة الفرنسية وتوزع على الدوائر الرسمية، وتأخذ وقتا معتبرا للإجابة عليها. وحول الحلول التي يمكن عن طريقها تسريع وتيرة الانضمام إلى نظام منظمة التجارة العالمية، يقترح الخبير اللجوء إلى تقنيات المفاوضات التي ترتكز على استعمال التأثير، ووقف على الدور الذي يمكن أن تلعبه مكاتب الضغط مثل تلك التي تنتشر بالولاياتالمتحدةالأمريكية وعددها لا يقل عن 15 ألف مكتب ضغط خاص. وتطرق الباحث الاقتصادي في ذات المقام، إلى الدور الذي تلعبه وكالة تطوير التجارة التي قال إن بإمكانها أن تمنح حق الفيتو أو صوت الموافقة لانضمام الجزائر. ومن بين التقنيات التي يعتقد الباحث أنها فعالة، استغلال الإطار الدبلوماسي للتفاوض مع كل دولة منفردة عن الأخرى. وبدا الخبير وأستاذ العلوم الاقتصادية، مقتنعا بأن جميع المؤشرات تؤكد أن انضمام الجزائر إلى هذه المنظمة، إذا استمر التفاوض بهذا الرتم، لن يكون قبل نهاية سنة 2016. وبخصوص تحدي التصدير، وإن كانت هناك طرق يمكن فيها الرفع من سقف صادرات الإنتاج الوطني، أكد الخبير الاقتصادي أنه في حال ضعف قدراتنا التصديرية، يمكن وضع المنظومة القانونية وتكريس التأطير على المستوى الدولي، والوقوف على تحديد الامتيازات التي يمكن أن تستفيد منها الجزائر نظير انضمامها، كون دول المنظمة تشترط مصالحها وتبحث عن أكبر قدر من الامتيازات، في ظل ضعف قدراتنا. وإن كانت جميع توضيحات الدكتور الخبير حميدوش، تحدد التعريفة الجمركية كجوهر للمفاوضات مع منظمة التجارة العالمية، على اعتبار - كما أشار - أن القوانين لا تعد عائقا إذا تعهدت الدولة المعنية بالانضمام، بتعديل قوانينها بعد 3 أو سنوات على غرار ما قامت روسيا.ويبقى مسار التفاوض مع منظمة التجارة العالمية بدون تقييم، فلم يفوت الخبير الفرصة ليتحدث عن غياب دراسة أو تقييم عام لمسار تفاوض الجزائر بعد أزيد من عشريتين كاملتين. وفي الشق المتعلق باتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، أثار الخبير سلسلة من الأسئلة، أبرزها من المستفيد الأكبر؟ وماذا يمكن للجزائر أن تستفيد؟ وتحدث عن ضرورة اللجوء إلى تقنيات الحماية، في صدارتها إدراج قانون ضد الإغراق الذي يسمح به اتفاق الشراكة، من أجل توقيف تدفق السلع الأجنبية لفترة معينة قد تصل إلى 23 شهرا من أجل ترقية المنتوج الوطني والرفع من تنافسيته.