أخّرت الجزائر انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة إلى السنة المقبلة، رغم التحسن المسجل في وتيرة المفاوضات الثنائية ومتعددة الأطراف مع أهم شركاء الجزائر الاقتصاديين• ويبقى تحرير قطاع الخدمات بالخصوص، منها القطاع السمعي البصري وعدد من المسائل المتصلة بالدعم، من بين الدوافع التي جعلت الجزائر تصرف النظر مؤقتا عن مسألة الانضمام ولا تجعلها من بين الأولويات• وأفادت مصادر على اطلاع بملف الانضمام الى المنظمة العالمية، أن اعتراضات وملاحظات عدد من الدول الهامة، منها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بخصوص عدد من الملفات والأسئلة من جهة والمخاوف التي تنتاب الطرف الجزائري من عدم جاهزية الاقتصاد الجزائري للانفتاح، فضلا عن تحفظ الجانب الجزائري من تحرير عدد من قطاعات الخدمات كالبنوك والسمعي البصري، جعل الجزائر تؤخر ملف الانضمام مؤقتا إلى تاريخ لاحق• وقد تبين لصانعي القرار الخطأ الذي ارتكبته الجزائر، التي كانت عضوا مراقبا منذ 1964 في منظمة "الغات"، ثم مساهما في إنشاء المنظمة العالمية للتجارة في مراكش كدولة ملاحظة في 1995 ومشاركا في مختلف الدورات الاقتصادية، منها دورة الأوروغواي بالخصوص، لتبقى بعدها آخر دولة غير منظمة ولتفقد كافة المزايا التي كانت مقررة للأعضاء الجدد• وبقيت الجزائر منذ بداية سنة 2000 ضمن مجموعة تضم 32 بلدا مرشحا للانضمام منها العربية السعودية، ولكنها بقيت الدولة الوحيدة التي لم تنضم الى حد الآن• وأجابت الجزائر عن مجموعة الأسئلة تجاوزت 1500 سؤال طرح من قِبل أهم شركائها في الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة والأرجنتين وأستراليا• وأعيدت العديد من الأسئلة إلى عدم وضوح الإجابات المقدمة من قبل الجزائر، خاصة في قطاعات الزراعة والخدمات وعدد من التشريعات والقوانين التي اعتمدت والتي أظهرت تناقضات في جوانب منها• وعلى ضوء التطورات المسجلة خلال سنتي 2007 و2008 بالخصوص، قررت الجزائر تأخير الانضمام للمنظمة إلى 2010، لانعدام القدرة التنافسية في القطاعات الثلاثة الجزائرية: الصناعة والزراعة والخدمات• فالمنتوج الجزائري، ورغم توفر قواعد أساسية معتمدة من قبل المنظمة العالمية للتجارة، مثل بنود مكافحة الإغراق والدعم، مازال غير قادر على منافسة المنتوج الأوروبي وغيره، سواء من حيث النوعية أو السعر• والجزائر بحكم تبعيتها للواردات الغذائية وللمنتجات الصناعية، قد تدفع فاتورة غذائية وصناعية أكبر في حال تحرير واسع للتجارة الخارجية لهذه المنتجات التي يكثر عليها الطلب من قبل الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للتجارة، ناهيك عن قطاع الخدمات التي تنفق عليه الجزائر حاليا ما متوسطه 5 إلى 6 ملايير دولار سنويا، لعدم قدرته التنافسية• وأشار خبير اقتصادي شارك في دورات المفاوضات الأولى، إلى أن الوفد الجزائري المفاوض لم يكن يمتلك كافة الصلاحيات ورغم القدرات التي كان يمتع بها إلا أنه ظل مترددا في الحسم في عدد من القضايا قبل الرجوع الى صانعي القرار، مضيفا بأن تدابير الحماية التي توفرها قوانين المنظمة العالمية للتجارة لن تكون قادرة على ضمان بقاء القطاعات الحساسة في حال انفتاح وتحرير وتطبيق مبدأ الدولة الأولى بالرعاية على كافة الدول الشريكة• فضلا عن ذلك فإن العديد من الصناعات والقطاعات والمؤسسات ستتعرض للانهيار، لعدم قدرتها على التكيّف مع اقتصاد مفتوح وقواعد شفافة، مع سيادة القطاع الموازي بدرجة كبيرة واقتصاد ريعي وارتباط بالسوق الدولية من حيث الاستيراد• ويظل الجدل القائم في الجزائر حول ثمن انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة وما ستدفعه الدولة• وتفتقر الحكومة الجزائرية حاليا لوسائل تقييم الأثر السلبي، على غرار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي• وقد تمكنت الجزائر من الاتفاق مع ست دول من بين 16 دولة في إطار المفاوضات الثنائية، وتبقى أهم الدول المترددة في الاتفاق مع الجزائر، الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي، وهما أهم شركاء الجزائر تجاريا أيضا• فقد ترك الاتحاد الأوروبي ملف الخدمات في اتفاق الشراكة لمفاوضات الانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة ومن أهم المسائل العالقة أو التي تثير إشكالا الشفافية في التسيير الاقتصادي واتخاذ القرارات ومسار الخوصصة وأوضاع الشركات العمومية وازدواجية تطبيق أسعار المحروقات ما بين السوقين المحلية والدولية، إضافة إلى ملف الخدمات إجمالا، حيث تظل الجزائر متأخرة فيه•