تقوم طائرات الكيان الصهيوني منذ يوم السبت الماضي بهجوم همجي شرس على سكان قطاع غزة خلف ألف ضحية ما بين شهيد وجريح، وإلى حد كتابة هذه السطور لا أحد سأل، متى توقف الآلة الحربية الصهيونية تقتيلها للأبرياء في غزة وما هو عدد القتلى والجرحى الذي حدده الصهاينة لإشفاء غليلهم وتوقيف عدوانهم؟ والحقيقة أن هذا الهجوم الصهيوني الهمجي لم يكن مفاجئا، حيث كانت السفاحة الصهيونية وزيرة خارجية الكيان الصهيوني قد اعلنتها صراحة عشية الهجوم، أن بلدها سوف يغير الوضع في غزة وهو تصريح صريح يبين أن الصهاينة كانوا قد اعدوا العدة لارتكاب جريمتهم الشنعاء مع سبق الاصرار والترصد، ومهما كانت تعاليق رجال الاعلام في العالم، ومهما كانت تصريحات رؤساء الدول الفاعلة في المجتمع الدولي، ومهما كانت ردود أفعال الحكام العرب، وتبريرهم لهذا الهجوم الغادر على سكان غزة الذين أرهقهم الجوع والعطش وفتكت بهم الأمراض بسبب الحصار، فإن ما يقوم به الصهاينة اليوم يدخل في إطار سياستهم الدموية التي دأبوا عليها منذ قيام كيانهم سنة ,1948 وما مجازر ديرياسين وكفر قاسم وقانا وصبرا وشتيلا، وغيرها من المجازر إلا خير دليل على مانقول، وبالفعل فقد ارتكبت اسرائيل هذه المجازر أمام مرأى ومسمع من العرب والعالم أجمع ولم يتجرأ مجلس الأمن الدولي وقتئذ حتى على إصدار بيان تنديد اليوم لا نبالغ إذا قلنا أن أطرافا عديدة في المنطقة كانت تملك معطيات كافية حول التحركات والاستعدادات التي كانت تقوم بها عصابات بني صهيون للإنقضاض على سكان غزة ومباغتتهم على حين غفلة. وكان بإمكان هذه الاطراف ان تضغط على بني اسرائيل وتمنعهم من القيام بهجومهم الغادر لكنها لم تفعل ذلك، واذا كانت هذه الاطراف ليست لها كلمة مسموعة امام بني صهيون، فكان بإمكانها تسريب الخبر الى سكان غزة لاتخاذ احتياطاتهم للخروج من المدينة، وتفادي اكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية لكنها لم تقم بتسريب الخبر لغاية في نفس يعقوب الأن، وأمام تواطؤ بعض الأشقاء العرب وانحياز الدول الفاعلة في المجتمع الدولي للكيان الصهيوني وهو الانحياز المفضوح والذي جاء في تصريحات رؤساء هذه الدول على اثر المجزرة الرهيبة التي ارتكبتها اسرائيل لم يبق امام الفلسطينيين الا تحكيم العقل والمنطق، وذلك بوضع خلافاتهم الوهمية جانبا واعتماد الحوار كوسيلة للوصول الى مصالحة شاملة تجمع كل الفلسطينيين وتوحد كلمتهم وموقفهم تجاه مايسمى بعملية السلام في الشرق الاوسط، فاذا كانوا مع السلام فما عليهم الا الاتفاق وتحقيق الاجماع حول مفهوم السلام مع كيان شرس لايعترف الا بالقوة، وقد دأب على تحقيق اهدافه بالقوة وعندما يتحدون فبديهي انهم سيتفاوضون مع الاخطبوط الصهيوني من موقع قوة، وسينتزعون حقوقهم رغم أنف دولة بني صهيون، أما اذا كان الفلسطينيون يرفضون السلام الاسرائيلي أو بالاحرى السلام كما تراه اسرائيل فما عليهم كذلك الا جمع كلمتهم والاتفاق حول العودة الا الانتفاضة العارمة. والمؤكد ان اطفال الحجارة رهن إشارة القادة الفلسطينيين، ومستعدون لرجم عساكر بني صهيون والحاق أفدح الخسائر في صفوفهم. يبقى ان نقول ان رهان الفلسطينيين على الموقف العربي والدولي لإحقاق الحق الفلسطيني هو رهان خاسر من الأساس أو على الاقل في الوقت الحاضر في ظل خلافاتهم الداخلية الوهمية، وسيضعهم بين المطرقة والسندان، نأمل ان يتفهم الفلسطينيون الوضع العربي والدولي ، و من مصلحتهم أن يكونوا ميكيافيلين أكثر من ميكيافيلي إذا كانو يريدون بالفعل إنتزاع حقوقهم المشروعة و المعروفة لدى الرجل السياسي كما رجل الشارع . ------------------------------------------------------------------------