لم يختلف أداء الاقتصاد الوطني خلال السنة الحالية التي توشك على الإنقضاء بشكل كبير، عن تلك الآداءات المسجلة خلال السنوات القليلة الماضية، المتميزة أساسا باستمرار استقرار إطار الاقتصاد الكلي، وذلك من خلال أولى النتائج المتحصل عليها حول التطورات المالية والاقتصادية لسنة .2008 أول مؤشر ذو دلالة بارزة ويتعلق الأمر بإجمالي النتائج الداخلي خارج قطاع المحروقات، إذ حافظ تقريبا على نفس مستوى العام الماضي ب6٪ خلال سنة 2008 مقابل 3,6٪ في سنة ,2007 ويعود ذلك بالأساس إلى حجم الإستثمار العمومي الذي ارتفع بشكل مستمر خلال السنوات الماضية وتناسب طرديا مع حجم البرامج الضخمة لاسيما في مجال الهياكل القاعدية، الأمر الذي سمح بعودة الإنتعاش لبعض المؤسسات الوطنية نتيجة لتحسن مناخ الاستثمار على وجه العموم. ولعل المؤشر الآخر الذي يعكس إلى حد ما، مستوى الإقتصاد وصلابته، هو نسبة التضخم التي سجلت إرتفاعا بمعدل 3,4٪ خلال السنة الجارية مقابل 5,3٪ في السنة الماضية بسبب ارتفاع الأسعار، لاسيما تلك الأساسية المستوردة، ولهذا، فإن ارتفاع التضخم الداخلي يعود بالدرجة الأولى إلى ارتفاع فاتورة المواد المستوردة في الأسواق الدولية، الأمر الذي ساهم في استيراد التضخم الخارجي في وقت تزايدت فيه حدة هذه الظاهرة في العديد من الدول الناشئة منها أو تلك السائرة في طريق النموّ. وبفضل تسجيل أسعار نفط مرتفعة وقياسية خلال منتصف العام الجاري، تجاوزت إيرادات الجزائر الخارجية 76 مليار دولار، الأمر الذي سمح برفع رصيد احتياطي الصرف إلى أكثر من 138 مليار دولار ومرشحة لأن ترتفع أيضا مع إغلاق العام الجاري، مقابل مديونية خارجية قياسية أيضا، ولكن نحو الإنخفاض، إذ ناهزت 9,3 مليار دولار فقط بالنسبة للديون المتوسطة والطويلة المدى تخفيف عبء الديون الخارجية وارتفاع الموارد بالعملة الصعبة والوطنية أيضا، سمح بادخار جزء من موارد الميزانية بما يفوق 20٪، فضلا عن ارتفاع حصيلة صندوق ضبط الموارد إلى 5,4192 مليار دج، وبالتالي توفر إدخار هام يفوق بكثير حجم الاستثمار، إذ بلغ معدل الإدخار الوطني 2,57٪. وبالنظر إلى الارتفاعات القياسية التي عرفتها أسعار النفط خلال السنة الحالية، فإن المؤشرات الأخرى عرفت بدورها قفزات نوعية مثلما هو الحال بالنسبة للفائض التجاري الذي قفز إلى 90,41 مليار دولار مقابل 29,22 مليار دولار العام الماضي، كما ارتفعت الواردات إلى مستوى 16,34 مليار مقابل 96,24 مليار دولار السنة الماضية، بينما لا تزال صادرات المحروقات تحتل صدارة مبيعات الجزائر للخارج بنسبة 66,67٪ مقابل هامش محدود للصادرات خارج المحروقات بمليار و53 مليون دولار بالنسبة للمركز الوطني للإعلام والإحصاء الجمركي و2 مليار دولار بالنسبة لوزير التجارة، كما أعلن عن ذلك قبل أيام فقط. أما على صعيد الخدمات الإجتماعية وما يمس مباشرة المواطنين، فإن الأرقام الرسمية تشير إلى تسجيل معدلات متوسطة في البطالة فاقت 11٪، فيما لاتزال أعدادا متزايدة تنتظر فرصة عمل، خاصة من شريحة خريجي الجامعات، وتعوّل الحكومة في مواصلة محاربة البطالة على تنفيذ ما تبقى من البرنامج الخماسي، بما فيها تنشيط مختلف أجهزة القروض المصغرة التي مكنت في ظرف زمني قياسي من توفير 50 ألف منصب عمل جديد مثلما أشارت إلى ذلك الأرقام الرسمية، التي تتوقع تسليم كل السكنات الموعود بها خلال السنة القادمة بعد أن شهدت وتيرة الإنجاز تسارعا خلال السنوات الماضية ولا سيما السنة الجارية. أرقام ضخمة ومتزايدة تم ضخها هذه السنة لمواجهة النفقات المرتفعة الموجهة للقطاعات الاقتصادية وفي شكل تحويلات اجتماعية، وان كانت هذه السنة قد مرت بسلام فيما يخص مواجهة النفقات رغم انخفاض أسعار النفط المباغت في الأشهر الأخيرة من سنة ,2008 إلا أن ميزانية السنة القادمة قد يحدث فيها نوع من الإرتباك المؤقت قد تتم مواجهته بفضل الفوائض المالية المتحصل عليها خلال السنوات الماضية، وبفضل سياسة الحذر المنتهجة لأية صدمات خارجية. ------------------------------------------------------------------------