حققت الثلاثية (الحكومة النقابة الباترونا) نتائج لم يسبق أن حققتها طيلة اجتماعاتها الإثنى عشر الماضية مما جعل اجتماعها الثالث عشر، الأسبوع الماضي، الأنجح على الإطلاق بالنظر إلى المكاسب المتحصل عليها وقبل ذلك الظروف التي ميزت انعقادها. ولعل هذا النجاح المتميز للثلاثية عبر مسارها الاجتماعي والاقتصادي، يرجع بالأساس إلى الرعاية التي أولاها لها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في خطابه يوم 24 فيفري من العام الجاري بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات، حيث رسم لها إطارا برفع الحد الأدنى المضمون للأجور ضمن سياسة تحسين الوضعية الاجتماعية للطبقة الشغيلة وتعزيز أداء الآلة الإنتاجية وتقوية الوضع الاقتصادي بشكل عام. وثاني مؤشر على نجاح دورة الثلاثية هاته، هو القرارات والإجراءات الملموسة المتوصل إليها وآثارها الإيجابية والمباشرة على العمال وعالم الشغل والاقتصاد الوطني، فلأول مرة في تاريخها، تقررالثلاثية زيادة بنسبة 25 في الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون ويستفيد منها جميع العمال مثلما يستفيد من ذلك العمال المتقاعدون. وهي الزيادة التي تنعكس إيجابا على القدرة الشرائية للعمال كافة، سواء في الوظيف العمومي أو في القطاع الاقتصادي العمومي منه والخاص. لقد رفعت بذلك الثلاثية، وبتوجيهات رئيس الجمهورية سقف الزيادة في أجور العمال إلى مستوى لم تعرفه من قبل، حيث تقدر نسبة هذه الزيادة ب3000 دج ليصبح أدنى أجر مضمون وطنيا 15 ألف دج. وكانت قرارات الثلاثية هذه المرة، واضحة بل من أوضح ما اتخذته من قرارات على الإطلاق، حيث حددت الزيادة في الأجور وكيفية حساب ذلك في جميع قطاعات النشاط. فقررت، الاستمرار في تطبيق الزيادات المقررة في أجور عمال الوظيف العمومي من خلال استكمال الأنظمة التعويضية ودفعها بأثر رجعي اعتبارا من جانفي 2008 بغض النظر عن تاريخ المراسيم المتعلقة بالأسلاك التي دعت الثلاثية إلى التعجيل بالمفاوضات المتعلقة بإتمامها. وبالنسبة للزيادات في أجور عمال القطاع العمومي، قررت الثلاثية بأنها ستجري مفاوضات خلال سنة 2010 من أجل تحيين اتفاقيات الفروع بما في ذلك بالنسبة لرواتب العمال، وكذلك الشأن بالنسبة للقطاع الخاص فقد أوضحت الثلاثية أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين يتفاوض سنة 2010، من جديد، حول الاتفاقية الجماعية (الإطار) بالنسبة لرواتب العمال. كل هذا، يوضح جليا، أن الزيادة في الأجور تسري على جميع العمال، وأن كيفيات تحصيل هذه الزيادة واضحة. ومن أهم القرارات التي اتخذتها الثلاثية أيضا في دورتها المتميزة الإبقاء على النظام المعمول به حاليا والمتعلق بدفع المنح العائلية للعمال، حيث ستستمر عملية تغطية هذه المنح من موارد الخزينة العمومية مع تمديد العمل الخاص بالجدول الزمني الذي ينظم عملية نقل أعباء هذه المنح إلى المستخدمين وقد بررت الثلاثية هذا التأجيل بكونها لاتنوي التسرع في اعتماد المعاييرالعالمية الخاصة بالمنح العائلية، حتى لاتعيق تطور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العالمية والتي تحرص على تدعيمها مثلما لا تنوي أيضا عرقلة بعث المؤسسات العموية التي تستفيد من برامج التأهيل والتحديث، ولذلك أكدت الثلاثية في بيانها الختامي أن الحكومة ترغب في دراسة الجدول الزمني لتجسيد التحول إلى المعايير العالمية للمنح العائلية. وفي قرار شجاع تبنت الثلاثية مقترح إلغاء الإحالة على التقاعد دون شرط السن المنصوص عليها في الأمر المؤرخ في 31 ماي 1997 وذلك لتفادي الانعكاسات السلبية التي تضر بأداة الإنتاج التي يحملها هذا الإجراء الذي تم اعتماده بموجب الأمر المذكور في ظروف استثنائية، كان الهدف المتوخى منه حينها هو التخفيف من آثار غلق المؤسسات وتقليص تعداد العمال، كما أجمعت الثلاثية على تعزيز أداء التعاضديات الاجتماعية. إلى جانب ذلك، اتفقت الثلاثية مبدئيا على تجديد العمل بالعقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي، وقررت في هذا الإطار استغلال اجتماعاتها التي ستعقد كل ثلاثة أشهر من أجل إثرائه وتجديد العمل به بعد انقضاء فترة صلاحيته الأولى في شهر أكتوبر 2010 وهوما يعتبر انتصارا للسياسة الاجتماعية والاقتصادية التي تنتهجها الدولة، بدليل الارتياح الكبير لأقطاب الثلاثية وإشادتهم الكبيرة بالدعم الكامل لرئيس الجمهورية لحوارالحكومة والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين من منطلق اهتمامه الخاص بتنمية الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن الجزائري وتعزيز أركان الاقتصاد الوطني وتحريك هياكله المنتجة.