بعد ستة أيام من القصف باتت وكالات غوث غزة تقول إنها تواجه مشكلات حادة في الحصول على الطعام والدواء والوقود وإيصاله إلى سكان غزة المدنيين المحاصرين. هذا التقييم من وكالات دولية عديدة يناقض ما كتبت صحيفة الإندبندنت تصريح وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في باريس بأنه لا وجود لأزمة إنسانية، وبالتالي لا حاجة إلى هدنة إنسانية . لكن هذه الوكالات تذكّر بأن المعونات التي سمحت إسرائيل بدخولها، قبل أيام من الحملة، جاءت بعد أسابيع توقف فيها بشكل شبه كلي دخول المؤن. وتقول كريس غانيس من أونروا -التي تغيث 750 ألف لاجئ في غزة- إن المشكلة الكبرى أن كثيرين لفرط خوفهم من القصف لا يجازفون بالخروج للحصول على حصتهم من الطعام، ولا يرغب المسؤولون في المشاركة في التوزيع، لأنهم قد يعتبرون أهدافا شرعية لعملهم لصالح إدارة تشرف عليها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والسؤال كيف يقوم المرء بعمل إغاثة حقيقي في ظروف العنف هذه..؟ وتقر كريستين فان نوينوز رئيسة برنامج الغذاء العالمي في القطاع والضفة بسماح الإسرائيليين بدخول كميات معتبرة من الغذاء قبل الحملة، لكن يجب ألا ننسى أن ذلك جاء بعد أسابيع بالكاد دخل فيها أي طعام لتضيف أن شركاء البرنامج في وزارة الشؤون الاجتماعية ومسؤوليها لا يشاركون في التوزيع خشية قصفهم لأنهم يعملون مع حكومة حماس!.. في تكساس، قال ناطق باسم البيت الأبيض إن المسؤولين شاهدوا تدفقا جيدا للغذاء والدواء، لكن صحيفة يو إس آي توداي الأميركية نقلت عن كارين أبو زيد (من الأونروا أيضا) قولها لأسوشيتد برس: إن المنظمة الأممية لم توزع مساعدات لأسبوعين بسبب نفاد مخزوناتها ثم بسبب القصف، ورغم أنها لم تشاهد مجاعة واسعة، فإننا نرى لأول مرة.. أناسا يفتشون في أكوام الزبالة، وأناسا يتسولون، لكن ذلك نادر أيضا. ويقول أطباء غزة إن الأدوية والعتاد بدأ ينفد في المستشفيات، مع تزايد أعداد الموتى والجرحى. إن المدنيين الفلسطينيين يدفعون ثمنا رهيبا يقول الدكتور حسن خلف الذي يعمل في مستشفى الشفاء. فما فائدة أن تقول إنك تسمح بدخول الطعام إلى الناس عندما تواصل قصفهم..؟ قبل أن يضيف يمكن للإسرائيليين أن يقولوا إنهم يهاجمون حماس فقط، لكنني أرى أطفالا ونساء يأتون إلينا مضرجين بالدم . ويصف كيرستي هوغس من أوكسفام في بريد قراء صحيفة الغارديان كيف أن منظمته اضطرت إلى وقف عملياتها في غزة، حيث حرم 65 ألفا مساعداتها، وكيف أن عمال الإغاثة الذين يشتغلون معها محاصرون في بيوتهم خشية على حياتهم، وكيف أنه كان يسمع الانفجارات في اتصالات مع زملاء حكوا له عن موت الجيران وصرخات الأطفال في الليل، وعن غياب الكهرباء والماء والغذاء والوقود.