الكل ينتظر يوم الإثنين الموافق لتاريخ 30 جوان، كونه عطلة طويلة لنهاية الأسبوع بمحافظة كيبيك، لمشاهدة الخضر في موعد حاسم ضد ألمانيا وكلهم أمل في تكرار ملحمة خيخون. الجالية الجزائرية والعربية تنتظرت هذا اليوم بفارغ الصبر، لمتابعة مباراة المنتخب الوطني مع نظيره الألماني، متسائلة: هل سوف يكون النجاح بعد الأداء الجيد ضد روسيا وكوريا الجنوبية بالخصوص؟. هذا ما رصدته "الشعب" بعين المكان. كانت نقاط لقاءات مناصري المنتخب الوطني كثيرة ومتنوعة في كل أنحاء كندا والولايات المتحدةالأمريكية. اتفق البعض على متابعة المباراة في بيوتهم مع الأصدقاء والعائلة، في حين التقى الطلاب الجزائريون في مقهى "ت وان تاون" بمونتريال. أما الآخرون فقد اختاروا متابعة المباراة ضد روسيا في مقاهي الحي، الذي أصبح غنيا عن التعريف وهو حي "جون طالون" الذي لقب من طرف السلطات الكندية بحي "المغرب الصغير" وذلك لتواجد محلات تجارية تونسية ومغربية وجزائرية فيه. خلال الأيام القليلة التي سبقت مباريات الجزائر في كأس العالم، زينت أحياء مونتريال بألوان المونديال، حيث أن كل جالية مشاركة عملت كل ما بوسعها لإظهار انتمائها لبلدها الأم. على غرار هؤلاء، عملت الجالية الجزائرية على أن تظهر انتماءها هي الأخرى لبلدها الأم وذلك بتعليق العلم الجزائري في شرفات البيوت وكذا في السيارات. لم تكن الجالية الجزائرية لوحدها في تشجيع المنتخب الوطني، بل عبّر أعضاء الجالية العربية والإفريقية هم كذلك عن تشجيعهم لفريقنا الوطني. حيث نظمت إذاعة الشرق الأوسط، التي تبث من مونتريال، برنامجا مخصصا للخضر، كان محل اتصال الكثير من مناصري فريقنا. والشيء الذي لفت الانتباه، هو أنهم كلهم، سواء كانوا لبنانيين، سوريين، أفارقة، تونسيين، كلهم يعبرون عن انتمائهم خلال هذه الحصة للجزائر. محلات ومقاهٍ مليئة بالأنصار لذا اتفق الجميع على رفع علم الجزائر في جميع محلات ومقاهي الجالية العربية، مثل المقهى اللبناني "أم كلثوم" بحي سان لوران وكذا المطعم الراقي السوري بدورفال وكذا على بعض الشرفات والمباني المطلة على الشوارع الرئيسية بمونتريال. وكم كانت المبارات شيقة، لاسيما ضد كوريا، خاصة في الدقيقة السادسة والعشرين من المباراة، وكأن كل مونتريال تهتز بصرخات الفرح والسرور. لم تمر ثلاث دقائق ليصرخ الجميع مرة ثانية بعد هدف حليش الذي أعاد الأمل بإمكانية ذهاب الفريق الوطني إلى الأبعد في المغامرة الكروية ببلاد "الصامبا" إلى جانب الكبار. تلتها نغمة فرح وسرور أخرى أكبر وأطول في الدقيقة الثامنة والثلاثين، ليصرخ الجميع "جابو الله يفرحك يا جابو" ولم تتوقف الاتصالات عبر الشبكات الاجتماعية في الانترنت، حيث كتبت فراح على صفحتها بالفايسبوك، بأنها جد فخورة بالفريق الوطني، لترد عليها شهيناز من تورنتو لتقول لها إنّ بعض الجزائريين خرجوا للشارع قبل انتهاء المباراة عند الهدف الرابع. أما سامية من واشنطن فتقول إنها لم تتوقف عن الزغاريد وكأنها مثل المجنونة لوحدها تصرخ وتعبر عن فرحتها، لتعود الفرحة مع انتصار الخضر على روسيا يوم الخميس. وعند انتهاء المباراة، انطلقت أجواء خارقة للعادة، حفلو عرس كبير وكأن كل العرب اتفقوا على أن يتجمعوا بحي المغرب الصغير، الكل يحمل علم الجزائر، البعض في السيارات والبعض الآخر يمشي ويعبر عن فرحته، زغاريد النساء والرجال معاً. الأغاني الجزائرية هنا وهناك، الدبكة العربية في جهة أخرى. رجال ونساء وشيوخ وأطفال، الكل متجمّع في حي جون طالون، بينهم الحاجة فطيمة التي أتت لكندا لتزور ابنتها المقيمة في مونتريال. لم تتوقف الحاجة عن التصفيق وهي تعبر عن شعورها حيث تقول: "لم أكن أتوقع أبداً أن هناك حيا في كندا مثل حي الشارع مستغانم بوهران وكأنني في بوهران". أما أحمد ويزيد من حي باش جراح بالعاصمة، فيقولان: "حقيقة لم نكن نتوقع هذه المفاجأة العظيمة، كل ما نستطيع أن نقوله هو أننا سعداء للغاية، لأننا كنا نسمع عن تاريخ الفريق الوطني بمونديال 1982، كوننا ولدنا في التسعينيات. الآن نستطيع أن نقول لدينا ما نحكي لأبنائنا عن تاريخ 22 جوان 2014. ونجيب على السؤال كيف تاهلنا". يضيف الحاج أحمد، "لما كنت أشاهد المباراة، وكأنني كنت أشاهد فريق البارصا. الشيء الذي يجعلنا نؤمن ونأمل للتأهل بإذن الله تعالى". الشرطة ضيوف العرس الكبير ارتأت الشرطة الكندية هي الأخرى أن تكون ضيف هذا العرس الكبير بعد تأهل "الخضر"، حيث قررت السلطات المعنية أن تجند عشرات الوحدات لتوفير كل الإمكانات لتسهيل الاحتفال لأنصار الفريق الوطني. كما ذكر المقدم لابراش، "نحن نعمل كل ما بوسعنا لنضمن حفلا بهيجا للجالية الجزائرية، لأننا نريدها أن تحتفل وأن تعبّر عن فرحتها كما تريد"، مؤكداً أنه "منذ بداية مبارات كأس العالم، أحسن احتفالات لأحسن جالية هي احتفالات الجالية الجزائرية". وأضاف، أنه لم يسبق وأن حدثت مشاكل، لذا فإنه سعيد أن يشارك رفقة أعوانه الجزائريين فرحتهم بتوقيف السيارات لعدة ساعات وإفساح الشارع لمناصري الفريق الوطني. تعبّر لينا 16 سنة، ونوال 18 سنة، وإيمان 15 سنة، عن فرحتهن، حيث تقول لينا: "أنا جد فخورة اليوم بأنني من أصل جزائري رغم أنني ولدت بكندا". أما محسن 29 سنة، طالب مغربي فيقول، إنه لم يرد البقاء في البيت، بل أتى للمغرب الصغير لمشاركة إخوته الجزائريين فرحتهم. لم يكن محسن لوحده، بل كان معه لزهر، تاجر تونسي، وغسان طالب لبناني وكذا عاصي طالب عراقي. الكل يشارك في هذا العرس الكبير. والكل يغني "وان تو ثري، فيفا لالجيري". حيث أن بيار الكندي وزوجته ميشال، يرددان العبارة راجيين فوزا آخر للفريق الجزائري بعد مشاركتهم فرحتهم. لم تنته الاحتفالات إلى غاية ساعة متأخرة من الليل، كما أن الكل يضرب موعدا آخر مع المباراة القادمة، راجين تألقا أكبر للفريق الوطني في المونديال وتفوقا على المارد الألماني هذا الاثنين لإظهار للجميع، أن الخضر أجدر وأنهم في قائمة الكبار عن جدارة واستحقاق.