تحتضن باريس، اليوم، مؤتمرا دوليا حول العراق، تشارك فيه 20 دولة. ومن المقرر أن تحدد كل دولة بشكل تفصيلي، ما ستقدمه في إطار هذا التحالف الدولي "لمساعدة" العراق وإخراجه، مما يسمّى بتنظيم "دولة الخلافة"، التي نشرت الرعب وهجّرت الآلاف من العراقيين للنجاة برقابهم من بطشها. وسيفتتح الرئيسان الفرنسي والعراقي، هولاند وفؤاد معصوم، المؤتمر الذي يهدف إلى تنسيق المساعدات والدعم والتحرك من أجل وحدة العراق وضد الإرهاب الذي يقوم به تنظيم "داعش". وقد ذكر جون كيري، الذي وصل، أمس الأول، إلى باريس، للمشاركة في المؤتمر بعد جولة شملت دولا عربية وتركيا لحشد الدعم للعراق، أن التحالف الدولي الذي يصبّ في هذا الاتجاه هو أفضل وسيلة "للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية". وكان السيسي قد أبلغ كيري، خلال زيارته لمصر، بأن أي تحالف ضد الإرهاب يجب ألا يركز فقط على تنظيم الدولة. وقال مصدر دبلوماسي، إن مؤتمر باريس سيتيح للجميع تحديد ما يمكن فعله أو تقديمه، وأن القرارات التي ستتخذ في المؤتمر، لن تعلن جميعها بالضرورة، لاسيما بالنسبة للدول التي ستسهم في ضرب التنظيم ومكان وتوقيت ذلك ربما لرفع الحرج. وما حيّر الدول المشاركة في مؤتمر باريس، هو الموقف الغامض لتركيا، حيث رفضت إلى غاية الآن، المشاركة في أي عمل عسكري ضد "داعش" بالرغم من أنها جارة للعراق وسوريا التي تسيطر على بعض أراضيها دولة "داعش"، ويبدو أن موقفها هذا جاء خوفا على حياة 46 من مواطنيها الذين مازالوا رهائن لدى التنظيم في الموصل، شمال العراق. من جهتها، عبّرت إيران عن عدم رغبتها في حضور المؤتمر، كونه انتقائيا ولم توجه لها الدعوة. واختلفت مواقف الدول المشاركة بشأنها، فوزير الخارجية الفرنسي "فابيوس"، أعرب عن رغبته في مشاركة إيران، بينما أبدى نظيره الأمريكي اعتراضه على مشاركتها. وإذا كانت فرنسا تشدد على القانون الدولي وتستبعد أي تحرك خارج إطاره، فإن أمريكا تريد التحرك خارج الشرعية الدولية، أي دون قرار من مجلس الأمن، لأن ذلك سيصطدم مع "الفيتو" الروسي أو الصيني، ولذلك تباينت المواقف الدولية. فألمانيا أعلنت، أمس الأول، أنها مستعدة لإرسال جنود للعراق يدربون البشمركة الكردية لمواجهة "داعش" لا يتجاوز عددهم الأربعين، رافضة إرسال قوات مقاتلة أو المشاركة في ضربات جوية. أما رئيس وزراء أستراليا، فقد أعلن أن بلاده سترسل 600 عسكري من قواتها وطائرات مقاتلة لدعم التحالف الدولي ضد "داعش". وقد اكتفت إسبانيا بالدعم اللوجيستيكي وتوزيع 25 ألف بندقية آلية على معارضي تنظيم الدولة، رافضة المساهمة في المجهود الحربي. من جهته، عبّر كاميرون عن قيامه بعمليات عسكرية لتدمير تنظيم الدولة الإسلامية، وهو الذي كانت بلاده مترددة في المشاركة العسكرية ضد "داعش"، غير أن قتل التنظيم للرهينة البريطاني جعل كاميرون يحسم الموقف بالمشاركة، بعد أن استنكر مقتل موظف الإغاثة "ديفيد هاينز"، معتبرا ذلك من أعمال الشر المحض. فهل ستتحقق أهداف مؤتمر باريس في القضاء على داعش؟ أعتقد أن ذلك لن يتحقق ولن يكون سهلا، لاسيما إذا لم تكن القرارات شرعية، وعن طريق مجلس الأمن.