طالبت جمعيات حماية المستهلك ومنتجون، أمس، بتحديد قائمة المنتوجات الغذائية الأساسية وتحديد هامش الربح فيها، من خلال تسقيف السعر بين المنتج الفلاح أو المصنع والتاجر، على أن تسند هذه المهمّة لمختصين غذائيين. في حين طالب الفلاحون بضرورة تدخل الدولة لشراء المنتوجات الاستراتيجية منهم، باعتبارهم الضحية الأولى من تدخل الوسطاء والمحتكرين. قال مصطفى زبدي، رئيس جمعية المستهلك، خلال ندوة نقاش حول «القدرة الشرائية»، إن العائلات الجزائرية، لاسيما ذات الدخل الضعيف، تعاني الأمرّين بسبب تدهور القدرة الشرائية رغم زيادات الأجور المسجلة في السنوات الأخيرة، سواء تعلق الأمر بالمواد الغذائية التي تضاعف سعرها بأضعاف مقارنة بالسنة الماضية ومن ذلك البطاطا والبقوليات أو بالخدمات. وأشار زبدي، إلى أن الأمن الغذائي أصبح مرهونا بمداخيل البترول في ظل الاعتماد على الاستيراد، بدل التحول للإنتاج وعدم استغلال فضاءات أسواق الفلاح للحد من التلاعب بالأسعار، معتبرا ذلك من مسؤولية السلطات المحلية التي يتعين عليها توفير أسواق جوارية. كما انتقد المتحدث، سياسة الضمان الاجتماعي التي يتعين أن تطابق تعويضاته المصاريف الصحية، مشيرا إلى السياسة الحالية لهذا القطاع لا تواكب تغيّر سلوكات المستهلك في العلاج، في ظل بروز أمراض جديدة وتزايد أخرى خطيرة لاسيما السرطان، والذي تتكفل به الدولة ما يؤثر على خزينتها وبالتالي الاقتصاد الوطني. وفي نفس السياق، تحدث بلعباس حمزة، رئيس جمعية المستهلك بتيبازة، عن أسباب الوضع الراهن وتحديدا ارتفاع الأسعار، كافتقاد المستهلك لثقافة استهلاكية وكذا للبدائل وعدم التفريق بين الضروريات والكماليات، ناهيك عن كثرة الوسطاء في سلسلة التسويق وبالتالي المضاربة ما يؤدي إلى غليان الطبقة الاجتماعية وبالتالي اللاّإستقرار. وفي المقابل، دعا الأمين الولائي للفلاحين الجزائريين بسعيدة، مختاري بغدادي، للحفاظ على القدرة الشرائية للجزائريين، والدولة بشراء المواد الاستراتيجية بسعر معقول من المنتج وتوزيعها على التجار للقضاء على الوسطاء والاحتكار وإنصاف الفلاحين الذين هم ضحية أيضا، مشيرا إلى ضرورة عقد لقاء يجمع المنتجين وجمعيات المستهلك ووزارة التجارة والخبراء لتحديد النقاط وغلق هذه الأبواب التي تضر بالاقتصاد الجزائر وتتلاعب بمصير الجزائريين. بدوره تطرق الباحث والمختص في علم الاجتماع، الدكتور سعدي، إلى أسباب تدني القدرة الشرائية ومظاهرها وتأثيرها على الجزائري، حيث أرجع ذلك إلى اتّساع مجال الشراء مقارنة بالماضي، ما خلق نوعاً من الضغط على الفرد الجزائري بسبب الفوضى في الإشهار الذي وصل إلى حدّ استعمال أمور مقدسة من أجل تسويق المنتجات الاستهلاكية. وبحسب سعدي، أخفقنا في التكوين الذاتي للإنسان، ما أدى إلى بروز العديد من السلوكيات، من جشع واحتكار... وكلها تصبّ في بوتقة الرغبة في الكسب، وهو ما أثر على العلاقات الاجتماعية بسبب طغيان علاقة البيع والشراء عليها وانتشارها في كل مكان بعدما كانت منحصرة في السوق، وهذا لأننا لا ننتمي إلى الفضاء الحالي الذي فرضته الشركات الكبرى المنتجة، ما يستلزم التحول إلى الإنتاج بدلا من الحالة الاستهلاكية التي تسيطر علينا والعودة إلى الثقافة الذاتية للمجتمع الجزائري المبنية على الاكتفاء وتسبيق الضرورات على الكماليات وإعانة الآخر. وأوضح المتحدث، أن تدني القدرة الشرائية، أصبح له مظاهر عديدة على سلوك الجزائري، لاسيما العائلات ذات الدخل الضعيف ومتولي المسؤولية فيها من خلال الشد العصبي والصراع الثقافي وانتشار حوادث المرور، العنف وحالات الانتحار وغيرها من الظواهر التي أصبحت حالة عامة في المجتمع. من جهته، قال الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، إنه لا يمكن تحسين القدرة الشرائية للمواطن الجزائري من دون ربط سياسة الأجور بمعدل التنمية، وتقليص الاستيراد وتشجيع الإنتاج، وكذا القضاء على التضخم والرفع من قيمة الدينار وإيجاد شروط لضمان عدم حصول الندرة في المواد الغذائية لاسيما الأساسية. وأضاف بولنوار، أنه يتعين على الجهات المسؤولة، تنظيم شبكات التوزيع وتأهيل شبكات التخزين وإضفاء الشفافية في تسييرها، إلى جانب القضاء على التكاليف الوهمية، مشيرا إلى أن الجزائر بحاجة إلى ألف سوق جوارية.