تشهد مختلف الطرق الرئيسية والفرعية منها بجلّ بلديات ولاية تيبازة هذه الأيام، انتشارا مثيرا وملحوظا للمتسولين، الذين يستعطفون المارة والمتسوقين لغرض إمدادهم بالمعونات المالية لتلبية حاجيات أبنائهم وهي الظاهرة التي تتكرر طيلة شهر رمضان من كل سنة وتزداد حدّة وانتشارا خلال العشر الأواخر منه. يتضح من خلال التقرّب من هؤلاء بأنّهم ينحدرون من جنسيات مختلفة، وإذا كان معظمهم جزائريون، يتقنون جيّدا ترديد عبارات الاستعطاف والتوسّل، فإنّ كثيرا من هؤلاء قدموا من سورية التي لاتزال تعاني انعدام الأمن وتراجع مصادر الاسترزاق. كما يرتبط آخرون بجنسيات إفريقية مجاورة للجزائر، ألفوا هم أيضا استغلال نسائهم وأبنائهم للتوسل وطلب المعونة، فيما يختفي رجالهم عن الأنظار. والأمر نفسه بالنسبة للعائلات السورية التي تدفع بنسائها وأبنائها لممارسة التوسل على حساب العنصر الرجالي عبر الطرق والأسواق ومداخل المساجد. لعلّ أهمّ ما يشترك فيه هؤلاء جميعا، يكمن في استعطافهم المارة للحصول على المساعدات نقدا دون أيّ اعتبار للمساعدات العينية أو المادية التي تثقل كاهل هؤلاء وتعيق مهنتهم. كما يعمد هؤلاء إلى استغلال الأطفال الأبرياء لممارسة مهنة التسول مع تعريضهم لوابل من الشتائم والضرب المبرح في حالات رفضهم التأقلم مع المعطيات الميدانية، حيث لوحظ أن العديد من النسوة المتسولات يضربن رفقاءهن من الأطفال بطريقة مبرحة للغاية، فيما أجبرت الممارسة اليومية لمهنة التسول العديد من الأطفال على تقمّص الدور بدلا من النسوة اللواتي يجدن أنفسهن أحيانا غير قادرات على استقطاب الزبائن من خلال التأثير على عواطفهم. ولوحظ العديد من الأطفال بمداخل المساجد بفوكة والقليعة وشرشال وبوسماعيل وغيرها من المدن، يستعطفون المصلين لإعطائهم النقود على سبيل الصدقة، فيما تبقى الأمهات الوصيات عليهن تراقبن الموقف عن بعد. لكن الذي يثير التساؤل والغرابة في هذه الظاهرة، هو كون بعض المتسولات يلتحقن يوميا ببعض المحال التجارية لمبادلة القطع النقدية بالأوراق الأسهل للحفظ والأخف في الحمل، قبل أن تغادر بعضهن المكان على متن سيارات مجهولة قد تكون ملكا لذويهنّ أو ربما أزواجهنّ، الأمر الذي يضفي على هذه الظاهرة المزيد من علامات الاستفهام والتساؤل من حيث كون معظم المتسولين ليسوا من فئة المحتاجين والمعوزين بقدر ما ينتمون إلى فئة اللاهثين وراء الربح السهل والسريع.