هو إبن مدينة الجسور المعلقة، كان يفتش عن الإحترافية والنجومية وخطف الأضواء وهو صغير، إذ تعلق بالكلمة الملتزمة والفن الدرامي أنشد فأبدع وصار في عز شبابه أحد أعمدة الإنشاد في الجزائر والوطن العربي، يتمتع بصوت رائع وأداء متميز، عرف كيف يحقق أحلامه إيمانا منه بأن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة إنه المنشد الذي مثل الجزائر في برنامج منشد الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، في أول طبعة له وتوج باللقب الثاني عن جدارة وإستحقاق، إنه المنشد عبد الرحمان بوحبيلة '' الذي إلتقته جريدة ''الشعب'' على هامش الأيام الوطنية للأنشودة الدينية التي إحتضنتها عاصمة التيطري مؤخرا، فكان الحديث معه شيقا وذي شجون ... ❊❊ في البداية، كيف بدأت رحلتك مع عالم الإنشاد وكيف إنتقلت من الهواية إلى الإحترافية ؟ ❊ في الحقيقة الإحترافية كنت أبحث عنها وأنا صغير ففي سن الثامنة، كنت بمسجد '' عنان '' في الحي الشعبي الذي أسكن فيه '' السويقة '' وهو حي عتيق يشبه القصبة في هندسته المعمارية كنت أدرس القرآن وأدرس الإنشاد وأنذاك كنت في قسم الثانية إبتدائي، والحمد لله إستطعت أن أوفق بين الدراسة والهواية وكنت رئيس فرقة إنشاد وأنا صغير وإلى جانب تفوق في الدراسة حصدت أول تتويج وطني في مهرجان الأنشودة الوطنية الذي إحتضنته واد سوف، وتحصلت أنذاك على جائزة أحسن أداء فردي وأنا في الحادية عشرة من عمري، ومع بداية مرحلة الشباب دخلت إلى معهد الموسيقى بقسنطينة وتعلمت الموشحات الأندلسية والمالوف وطبوعها ونوباتها حتى أستفيد من هذه الخبرة في عالم الانشاد، وهذا يعني أنني لم أكن أطمح لأصير مطرب شعبي .. بل حتى أتمكن من تأدية النشيد على دارية وعلم، وبتكوين قاعدي وهذا كله حتى أكسب ثقة الجمهور . ❊❊هذه الخطوات المدروسة، أكيد هناك من كان وراء توجيهك ورعايتك؟ ❊ إن بدايتي الحقيقية مع فرقة الأنيس للإنشاد بقسنطينة كانت في عام ,1992 وكان الأخ '' داوود '' وهو إبن الحي هو الذي أسس هذه الفرقة وأخذت أنذاك إسم ''أشبال نوفمبر'' وكنا ننشط بإكمالية '' علي خوجة '' وكان الأخ '' داوود بلوط '' هو المشرف والمؤطر للفرقة ولما صرنا شباب إنتقلت المسؤولية إلينا لارتباطه حيث كان يدرس الطب أنذاك، ثم تنقل إلى الخارج لكن بقي يتابعنا بإستمرار، فواصلنا المسيرة بالرغم من بعض العوائق، فاجتهدنا ودرسنا الموسيقى وقررنا أننا نملك روح القيادة وأننا خير خلف لخير سلف ولا زلنا على الدرب موصلين . ❊❊ شاركت في برنامج منشد الشارقة بدولة الإمارت رمضان 2006 حدثنا عن هذه التجربة ؟ ❊ في أول طبعة شاركت في التصفيات التي كانت بفندق الهلتون حيث تنقلت إلى العاصمة رفقة أعضاء من فرقة الأنيس لقسنطينة الذين يرون في أنفسهم الصوت الحسن لخوض عمار هذه التجربة، ومن أعضاء الفرقة الذين شاركوا أذكر ناصر ميروح، حمزة زدام، رابح قيسوم وينبغي القول أن عدد المشاركين كان كبيرا وكان أبو راتب على رأس اللجنة الحكم ورفقة رفيقي أيقنا وإخترنا المقاطع التي سنؤديها حتى نثبت للحكم أننا نتقن المقامات ونؤدي الإنشاد على دراية . فأدينا وأحسسنا انطباعا جيدا من أبي راتب، وفي الأخير وقع الإختيار على 09 منشدين من بين 200 ومن ضمن التسعة اللذين كنت معهم ''نجيب عياش، ناصر ميروح، حمزة زدام، فارس زهير..'' والفاصل النهائي كان بعد اتصال تلفزيون الشارقة بي اذ تفاجأت في أحد الأيام برقم اماراتي على هاتفي ولما رددت واذ بهما المذيعين إسلام ونجم الذين يخبراني بأنني سأمثل الجزائر، فلم استطع الاجابة من شدة الفرح وبعدها تنقلت الى الشارقة بعد إجراءات ادارية عسيرة، وفي بداية البرنامج وجدت نفسي غريبا وسط المشارقة خاص وأنني الوحيد من الجزائر والمغرب العربي، ناهيك عن نظرة المشارقة عن المنشدين الجزائريين، حيث كانوا يعقتدون بأننا ضعفاء في هذا المجال نتيجة مخلفات الاستعمار، لذا فكرت الانسحاب من البرنامج في البداية لأنني لم استطع التأقلم مع الجو العام، فكل المشاركين كانوا يتواصلون مع بعضهم البعض ويمزحون كأنهم يعرفون بعضهم منذ زمن وربما حصل هذا لأنهم وصلوا الى الشارقة قبلي اي قبل بداية البرنامج وأول من احتككت به هو الطاهر وجدي من مصر ثم عبد اللّه الصبرة من الكويت وكان هذا الأخير معي في الغرفة ثم مهند رياض من العراق، كما أحسست بأن الكاميرا تتحاشاني اكثر من مرة، كما أن المنشدين كانوا يتنافسون للظهورأمام الكاميرات في اليوميات على خلاف منشدي الطبعة الثانية الذين كنا نترجاهم للظهور أمام الكاميرا. ❊❊ نهفم من كلامك أنك صرت مع طاقم البرنامج ابتداءا من الطبعة الثانية ؟ ❊ نعم بعد مشاركتي في البرنامج صرت عضوا فيه انطلاقا من الطبعة الثانية، حيث كنت ضمن اللجنة الفنية التي تتكفل بالاشراف الفني في تعليم المقامات والطبوع للمنشدين، وكنت رفقة الأستاذ ''وسيم فارس'' العراقي. ❊❊ كيف كانت المنافسة في الطبعة الأولى للبرنامج؟ ❊ في الطبعة الأولى كانت المنافسة قوية جدا وكل منشد كان حريص على أن يتحصل على اللقب وفي بداية البرنامج أديت أداء من متوسط الى أحسن، وتعمدت هذا لأمشي بوتيرة متصاعدة وأقدم بالتدرج وبداية من الأسبوع ,III بدأت الجرائدالعربية تكتب عن عبد الرحمن بوحبيلة وذكرت بأن الجزائري قنبلة موقوتة وزنه فاجأ الجميع، حيث أديت وصلة مزجت من خلالها التراث الجزائري وتجاوزت الوقت القانوني ب 3 دقائق، وهذه الاضافة كانت في صالحي لأني أديت وصلتين ووسطهم موال والحمد للّه تأهلت للدور النهائي الذي شاركت فيه بأنشودة ''لسوف أعود يا أمي'' وقال عني أبو خاطر بأنني أديتها أحسن منه فلا أعرف سبب ذلك هل تواضعا أم... وصرت كلما أمشي الى مهرجان ويطلب مني الانشاد أنشد هذه الوصلة. ❊❊ وماذا أضافت لك تجربة هذا البرنامج في مسيرتك الفنية؟ ❊ لقد اضافت لي هذه التجربة الكثير والكثير وهذه التجربة وفرت على مشوار 20 سنة، وكأن البرنامج ارجع لي حقي بأثر رجعي فعبد الرحمن من خلال البرنامج برز، فحقق لي البرنامج تلك النجومية لتي كنت استحقها من قبل، كما اختزلت لي هذه الفرصة المسافات ودخلت عالم الشهرة وهذا الأخير اعتبره تحصيل حاصل وليس هو المبتغى او الهدف لأن الاعلام للأسف يستطيع ان يقزم النجوم كما يستطيع ان يضخم وبعد البرنامج وخلاله اخذت حقي من الاعلام، وصارت كل الجماهير تعرفني وصارت الجزائر والجزائريين يفتخرون بي وبنجيب عياش وبناصر ميروح وكأنهم يريدون القول منشدينا وكفى، لأنهم اثبتوا للعالم اجمع أنهم أكفاء وعلى قدر عالي من المسؤولية تجاه البلد وتشريفه ومستوى فني راقي وهذا ما شجعني على العطاء بقوة وبعد عودتي للجزائر كانت مع العديد من الفرق الانشادية والمنشدين امثال ناصر ميروح الذي شارك في الطبعة II ونجيب عياش في الطبعة III كانوا تحت رعايتي ونصائحي وتوجيهاتي وهذا يعني أنني نقلت خبرتي المتواضعة وتجربتي الى الجزائر بعد مشاركتي وتتويجي في البرنامج . ❊❊ بعد مشاركتك في البرنامج احتضنك البرنامج، وكيف كان رد فعل الجزائر بعد التتويج؟ ❊ برنامج منشد الشارقة كمحطة القائمون عليها قاموا بدورهم كما ينبغي، لكن بعد البرنامج بيوم مباشرة وجد كل منشد نفسه بمفرده وكأنهم سلمونا المشعل فاما ان نخطو خطوة الى الأمام او خطو الى الوراء ولما رجعت الى الجزائر لم أجد الرعاية التي كنت أستحقها ويستحقها اللقب الذي حصدته وكنت أتفاجأ كلما أطرق باب الادارة الجزائرية لايعرفونني القائمون عليها، ففي الجزائر وفي الاحتفاليات يوجهون دعوة الى ''عبد القادر قوزع'' او ''يحيى حوا'' مع احترامي لهذه الأسماء، ناسين ان هذه الأسماء شخصيا اعترفت بقدراتي وامكانياتي، وفي هذا المقام تجد نفسك تبحث عن محطة أخرى لتظهر من جديد لأن الاعلام يلعب دورا هاما ويقدم دعما خاصة وأن برنامج منشد الشارقة سخرت له كل الامكانيات المادية والاعلامية كما أن الجزائر لا تملك ثقافة صناعة النجوم او ثقافة التبني والاستثمار في مجال الانشاد مازال ضعيفا وفي هذا المقام ينبغي الاشارة الى أن والي قسنطينة اقام لي تكريما وحفلا على شرف التتويج وذلك بعد البرنامج، حيث أهدى السيد الوالي للأنيس أجهزة صوتية ومعدات تقنية. وعن رعاية البرنامج والقناة فنيا، فمثلا كانت متفق عليه الأول يصور له فيديو كليب والثاني والثالث يسجل ألبوم لوحده والقناة تعرض له الألبوم او مقاطعا منه وبعد الطبعة II التي مثل فيها المنشد ناصرميروح الجزائر، سجلنا ألبوما مشتركا بعنوان ''أعذب الألحان'' ضم منشدي الشارقة 1و 2 سجلناه في الأردن وتكفل به تلفزيون الشارقة هذا عن العقد الأول أما العقد الثاني هو اختيارك مشرف في البرنامج في كل الطبعات مع القناة. ❊❊ هل كنت ترى بأنك تستحق المركز الثاني في البرنامج؟ ❊ القائمون على البرنامج كانوا يرون في شخصي صاحب المركز الأول خاصة وأن صاحب المركز الأول كان طفلا صغيرا في 16 من عمره آنذاك وهو المنشد اليمني ''عمار العزكي'' وهذا الأخير كنت رفقة المنشد السوري المعتصم باللّه ورامي الحلاق تقدم له التوجيهات لكي ينشد بطريقة صحيحة ولهذا ثارت ضجة بعد اعلان النتائج وصاحب المركز ة ، لم يكن يتوقع هذا التتويج ولازالت اعتبره كتلميذ لي، وهناك الكثير من احتج وسقطت دموع كثير من الجمهور، ولا ننسى أن التتويج كان بسبب التصويت ايضا، لكنني كنت متأكد ان الجمهورالجزائري يصوت بقوة لكن حدث ما حدث. ❊❊ وماهي النقائص التي تراها تعترض الانشاد في الجزائر؟ ❊ نحن في كل مرة نلوم الدولة، لكن الخلل ايضا يكمن في المنشدين في حد ذاتهم وكذا مختلف الفرق الانشادية، فمن خلال المهرجانات التي تنظم عبر نقاط مختلفة من الجزائر وحضور المنشدين على بعد اكثر من 5000 كم يدل على أن الفرق تبلو بلاءا حسنا في هذا المجال، لكن الذي ينبغي قوله في هذا الصدد، هو أن بعض الفرق لا تملك المنهجية في الانشاد والعمل اذ كنا نقلد المشارقة والمجتمع الجزائري بعيد كل البعد عن ذلك، فينبغي ان ننطلق من أصالتنا وهذا ما يجهل المجتمع يقف الى جنب الفرق الانشادية، كما ينبغي أن نحافظ على الكلمة ونحرص أن تكون راقية مصحوبة بأداء جيد يتاشى ومتطلبات البيئة والأعراف التي نعيش بين احضانها بهذه الطريقة يرتقي الانشاد في الجزائر فيقتحم وبقوة بيوت الجزائريين والمدارس والجامعات وكل المرافق. ومن النقائص التي تعاني منها الفرق الانشادية نذكر غياب التمويل والمقرات والمعدات، فهذه فرقة الأنيس التي انجبت نجوم منشد الشارقة، عبد الرحمن بوحبيلة وناصر ميروح لا تملك مقرا لتنشط وتتدرب فيه. ❊❊ هل تعتقد ان المنشد ينبغي ان يتلقى تكوينا قاعديا في الموسيقى ام أن المنشد لايحتاج الى الموسيقى؟ ❊ إن الانشاد اذا تضمن الكلمة وحدها فلا يحتاج القلب، فاذا اقترنت الكلمة بالألحان الشجية ستحدث اثرا فينفس لسامع فهذا هو الانشاد فالكلمة وحدها في الحقيقة تقدم رسالة لكن يجب أن تكون مقترنة شيء مهم جدا وهو العلم الأكاديمي لأن الانشاد فن مهره غالي وينبغي ان نقدم له أغلى ما نملك ويجب أن نجتهد ونتعب لنكسبه حلة جميلة تليق بمقامه ولاننشد كذا وفقط لأن الهواية وحدها لا تكفي لذا علينا الاهتمام بالكلمة والألحان والتوزيع، ومع اجتماع كل هذه الأشياء نحل على فن راق، والمنشد ينبغي ان يخضع لتكوين موسيقي نوعي حتى ينشد بطريقة صحيحة مؤسسة على قواعد مستقاة من هذا التكوين. ❊❊ وماهي طموحات ''عبد الرحمن بوحبيلة'' للرقي بالانشاد في الجزائر؟ ❊ أنا أطمح بتأسيس بيت للنشيد من الجزائر أو أكاديمية للنشيد ونفتح لها فروع مختلفة عبر ولايات الوطن، ويهدف هذا البيت الى تلقين أصول الانشاد على أرضية صلبة أكاديمية لأنه يجب أن نكون منشدين مثل ما جسد في مراكز معاهد التكوين في النفون الأخرى ''المسرح، السينما... '' ونعود الى التكوين الموسيقي فالحلقة التي يفتقدها الانشاد الجزائري هو التكوين الموسيقي واذا تحقق أكيد سيرتقي، فالمنشد يجب أن يتعلم الموسيقى والنوتات والمقامات، دون حرج وهذا التكوين الموسيقي يساعده في تغذية وإثراء تجربته الانشادية، كذلك الاعلام يلعب دورا هاما في ترقية الانشاد. وفي هذا الصدد أقترح برنامجا تلفزيونيا مثل منشد الشارقة ونسميه ''منشد الجزائر'' وأنا مستعد لأقدم كل امكانياتي وتجاربي لتغذية هذا البرنامج، وأتمنى أن تتبنى الدولة مشروعا كهذا دون أن تنفرد به أحزاب او تيارات سياسية دون اخرى لأن المهرجانات التي لم تلق نجاحا يعدّ السبب في ذلك احتضان هيئة او طرف دون آخر هذا والبرنامج ينبغي أن يكون بأسلوب محترف وراق وأنا متأكد ان الجزائر نادرة على تجسيد هذا المشروع. ❊❊ اذا حدث وأن تحقق البرنامج ، هل تتوقع نجاحه، وماهو الدورالذي يمكنك ان تلعبه فيه؟ ❊ اذا تجسد هذا المشروع على أرض الواقع سيحطم كل البرامج على مستوى العالم العربي، خاصة وأن الجزائر تتمتع بكفاءات انشادية عالية، واذا شاركت في البرنامج سيكون دوري في لجنة التحكيم او اشرف على تأطير الأصوات وأنتقي مع القائمين على البرنامج الأصوات الجيدة ومن خلال هذا البرنامج سنزيح الغبار على العديد من الطاقات والمواهب الجزائرية في عالم الانشاد. ❊❊ في الأخير حدثنا عن انتاجاتك الفنية وألبوماتك الانشادية وكذا مشاريعك؟ ❊ لقد جمعت أناشيدي التي أديتها من 2006 الى آواخر 2007 في ألبوم ضم ست وصلات إنشادية حمل عنوان ''أملي'' هذا الألبوم الأول والثاني يلوح في الأفق، وأنا بصدد وضع الرتوشات الأخيرة عليه وسيوزع في سلطنة عمان من طرف مؤسسة ''أسمو'' الفنية ويضم ثماني أناشيد ( 08 ) وأنشدت فيه وصلة خليجية من كلمات الشاعر موسيل فاضل وألحان الياس الرصاصي، اما مواضيع الألبوم فهي متنوعة منها صيانة اللسان، الأب، حوار على بوابة النفس، في المناجاة، كما ضمنته وصلة اندلسية لأنني في كل ألبوماتي أحاول أن اقتحم الطابع الأندلسي، هذا بالاضافة إلى مجموعة من الاصدارات الفنية المتفرقة التي لم أضمها الى الألبوم الأول وهي موجودة على كل المنتديات الإنشادية والفنية وألبومي الثالث سيكون انشاء الّله 100 ٪ اندلسي.