أثارت مواقف وفد من مساعدي أعضاء الكونغرس الأمريكي الذي يقوم بزيارة للجزائر حول مختلف القضايا العديد من التساؤلات حول مستقبل السياسة الأمريكية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وكذا الاستراتيجيات التي ينوون إتباعها لتحقيق أهدافهم ومخططاتهم في المنطقة. بدا الوفد الأمريكي الذي نزل ضيفا على مركز الدراسات الاستراتيجية لڤالشعبڤ حاملا لرسالة معقدة المعاني لجس نبض الجزائر تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية وكذا معرفة واقع الديمقراطية في الجزائر والعلاقات بين مختلف المؤسسات ومستوى الحريات وهي المحاور التي تستعملها الولاياتالمتحدةالأمريكية كذرائع للضغط على الدول والتدخل في شؤونها الداخلية للاستحواذ على منابع الطاقة والأموال بصفة أدق. وحتى وان ظهر وفد مساعدي نواب الكونغرس متفتحا ومصغيا للجزائريين ومتفهما للواقع غير أن تركيز أسئلته على علاقة الحاكم بالمحكومين وواقع حرية التعبير والصحافة في الجزائر ومكانة المجتمع المدني وكذا الممارسة الديمقراطية والتشكيلة السياسية والتنمية وحرية المعتقد ومكافحة الإرهاب يشير الى الاهتمام المتزايد بالجزائر ومتابعة كل صغيرة وكبيرة تحدث عندنا وبقدر ما يكون هذا الاهتمام مفيد وايجابيا إلا أنه قد يحمل أمورا سلبية نابعة من تجارب الولاياتالمتحدةالأمريكية في تعاملها مع مختلف الدول كالسودان وكوريا الشمالية وليبيا وإيران وسوريا وحتى الصين وفنزويلا .....حيث فرضت عليها ضغوطا وممارسات غير ديمقراطية إما لرفضها الانصياع لأوامر المتحدةالأمريكية أو تهديد إسرائيل أو رضها لاستثمارات الشركات الأمريكية خاصة في قطاع المحروقات. وما يزيد في غرابة زيارة الوفود الأمريكية للجزائر هو حديثهم في كل مرة عن إراداتهم ورغبتهم في معرفة الجزائر وكأن بلادنا جزيرة من الجزر أو بلد يقع في أدغال إفريقيا حيث أصبح تحجج الأمريكان بجهل واقع الجزائر غير مبرر وما يفضح هذا التوجه هو درايتهم الكاملة بمجهودات الجزائر في مكافحة الإرهاب وفقط وأثنى الوفد الذي يزور الجزائر على هذه المجهودات كثيرا ما يعكس رغبة الأمريكان في إبقاء دور الجزائر في هذا الجانب دون تصدير استثمارات منتجة تساعد الجزائر على تحقيق توازن في اقتصادها. وبالمقابل هل يمكن تصديق الأمريكان بجهلهم واقع الجزائر وهم يحتلون الصف الأول مع بلادنا في المبادلات التجارية التي فاقت 12 مليار دولار كما أن تواجد كبريات الشركات البترولية في الجزائر يحبط جميع ادعاءات الأمريكان بجهل الجزئر التي حسبهم لا يسمعون بها إلا بعد أحداث 11 سبتمبر .2001 إن زيارة المسؤولين الأمريكان ونشاط سفاراتهم بالجزائر يؤكد وجود مخطط أمريكي لتكوين نخبة جزائرية تحمل قيما أمريكية ودعمها لاحتلال مواقع في الساحة السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية تمهيدا لإقامة نظام حكم ليبرالي يساهم في نشر وتبني السياسة الأمريكية مثلما حدث في عديد الدول،وتحاول الولاياتالمتحدةالأمريكية استغلال الإصلاحات التي تقوم بها الجزائر للتوغل ومنه تصدير قيمها الى وسائل الإعلام والأحزاب ومختلف الجمعيات والتي بدورها تنشرها في وسط المجتمع لتقبل القيم الجديدة ودفع الشعب على تغيير قيمه وصولا للواقع الذي تريده الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويشبه هذا النوع من المخططات ما قام به اليهود في أوروبا بعد 1929 حيث استغلوا الأزمة العالمية لتقوية تواجد الصهاينة في الأحزاب الأوروبية والجمعيات وتمكن اليهود آنذاك من امتلاك كبرى وسائل الإعلام بفضل أموالهم الطائلة ومنه كان تمهيدا لتحضير رأي عام أوروبي يساند إقامة دولة إسرائيل. ويمكن إدماج زيارة مختلف الوفود الأمريكية الى الجزائر في سياق مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي تواصل الولاياتالمتحدةالأمريكية العمل لتجسيده سواء بالحروب في الشرق الأوسط أو بالدبلوماسية في مختلف الدول الأخرى. وعليه فالأمريكان الذي يراهنون على الحروب النفسية الطويلة المدى من خلال استدراج الشعوب والحكومات الى وضعيات سياسية واقتصادية صعبة تجعلهم يستسلمون للمخططات الأمريكية،ومنه فالفراغ الديمقراطي في الدول واتساع الهوة بين الشعوب والحكام سيجعل من هذه المخططات سهلة التنفيذ لأن انعدام ثقافة الديمقراطية والحريات والتداول على السلطة وعدم التقاسم العادل للثروة وكثرة الآفات والانحرافات والفساد والتضييق على الحريات وضعف التعامل مع ملفات حرية المعتقد وغياب مشروع مجتمع يحافظ على القيم والتقاليد ومتفتح على الخارج ويقبل التجديد سيجعل الأهداف الأمريكية طعما لتحميل الشعوب على حكامها ومنه الوصول للفوضى وفتح المجال للتدخل الخارجي.