«كل اللوائح الأممية وقرارات مجلس الأمن تتفق على ضرورة تطبيق مبدإ تقرير المصير بالصحراء الغربية.. وليس هناك دولة واحدة في المعمورة تعترف بسيادة المغرب على آخر مستعمرة إفريقية. لكن التطبيق مؤجل إلى إشعار آخر، فأين مسؤولية الهيئة الأممية في هذه المسالة؟». هذه الإشكالية طرحتها ندوة النقاش التي نظمها منتدى«الشعب»، أمس، في ذكرى 40 سنة من مسيرة الاحتلال. وهي مسيرة أوصلت سياسة نظام المخزن إلى طريق مسدود. رغم ذلك، يتمادى المغرب في المغامرة ويهدد بالتصعيد وتطبيق ما هو أنسب للإبقاء على احتلاله لبلد، اتفق من قبل مع بلدان الجوار الجزائر وموريتانيا على فعل ما في المقدرة من أجل تحريره من الاستعمار الإسباني. ولا زالت مقررات القمة الثلاثية بإفران بين الرئيسين الراحلين هواري بومدين، مختار ولد داده والعاهل المغربي الملك الحسن الثاني مدوّنة في السجلات. لا زالت مقررات قمة نواديبو في بداية السبعينيات من القرن الماضي شاهدة على الموقف المغربي المساند لحق تقرير مصير الشعب الصحراوي؛ فكيف تغير موقف نظام المخزن واختار السير في المجهول واتباع سياسة محفوفة المخاطر وخيار عسكري يدرك واضعو الاستراتيجية الحربية أنها ليست الحل ولن تكون الحل. 40 سنة من مسيرة الاحتلال التي وظفها المغرب من أجل رصّ صفّ الجبهة الداخلية الهشة المهتزة تحت معارضة ملت من حكم الاستبداد وتريد التغيير بأي شكل من الأشكال. معارضة قادها أحيانا جنرالات أبدت إرادة في نظام سياسي بديل عن نظام المخزن الذي يحكم المملكة بيد من حديد، منهم الجنرال محمد لفقير عام 1972، مهدي بن بركة وضباط آخرين لقوا حتفهم تحت التعذيب في معتقل تازمامارت الرهيب الشاهد الحي على جرائم الملك الواقعة في طي النسيان. مع ذلك، يواصل ملك المغرب محمد السادس السير في هذا الاتجاه ويتجاهل منطق التاريخ وحركيته المؤكدة على أن كل حركات التحرر والمقاومة تفضي إلى الاستقلال وتقرير المصير. وخطابه الأخير الذي تحدى من خلاله الشرعية الدولية بالذهاب إلى العيون المحتلة وتجاهله رسالة بان كيمون المشددة على إجراء مفاوضات حقيقية تمهد الأرضية لإجراء استفتاء تقرير المصير بالصحراء الغربية، يصبّ في هذا الاتجاه. هو خطاب يؤكد على حالة اليأس التي بلغها نظام المخزن ولم يجد مخرجا لها. لهذا يوهم الرأي العام بمغالطات ويروج لمغامرة مآلها الفشل، يراهن من خلالها على استغلال ثروات الأراضي الصحراوية المحتلة بإنجاز منشآت طاقوية ومد خطوط حديدية باتجاه عمق القارة السمراء وأشياء أخرى. فهل نسي ملك المغرب موقف الاتحاد الإفريقي المطالب بتحديد تاريخ استفتاء تقرير المصير، هل نسي مقررات الاتحاد الإفريقي التي صبّت كلها في استقلال آخر مستعمرة بالقارة؟. هل نسي كل المساعي والجهود الأممية وجولات المفاوضات مع جبهة البوليساريو بهدف تهيئة الأرضية لاستفتاء تقرير المصير؟. موقف المغرب ينمّ عن مخاوف ما حذّر منه القادة الصحراويون بأن صبرهم نفد وأن خيارات أخرى لابد من اعتمادها لإنهاء حالة اللاّحرب واللاّسلم. أكد على هذا أكثر من متدخل في «منتدى الشعب»، قائلين إن التصعيد الذي جاء في خطاب ملك المغرب ينمّ عن يأس ومخاوف من موقف قادة الصحراء الغربية وتأكيدهم أن 40 سنة من الاحتلال وما تبعها من المناورات «بركات» ولابد من مراجعة أسلوب المقاومة لاستعادة الحق المشروع وإسماع صوت الحرية والنضال. دعم هذا الطرح نورالدين عمراني، الخبير الأمني والعقيد المتقاعد في «منتدى الشعب، قائلا «إنه بعد 40 سنة من مراوحة القضية الصحراوية في المكان، فان حلها يكمن في الخيار الجيو استراتيجي وما يشمله من مواقف دول كبرى تعجل بتقرير المصير تماما مثلما جرى في أوكرانيا وغيرها من جهات المعمورة. وهذا الخيار الممكن تعتمده جبهة البوليساريو لانتزاع الحق المهضوم والوطن المحتل.