حلل سعادة سفير دولة فلسطين بالجزائر السيد لؤي عيسى، تحليلا مستفيضا أبعاد إعلان قيام دولة فلسطين يوم 15 نوفمبر 1988، دوليا وعربيا وإقليميا والخلفيات الجيو سياسية الكامنة وراء المؤتمر، الذي استطاع إحداث هزة قوية في سيرورة الأوضاع باتجاه ترجيح الكفة وفرض التوازن على أساس أن القضية الفلسطينية تعد رقما صعبا لا يمكن تجاهله أبدا من الآن فصاعدا. قراءة السيد لؤي عيسى نابعة من إدراكه العميق لمعنى النضال، وخاصة أن تكون فلسطينيا في ظروف معقدة جدا على كل من مر على هذا الدرب القاسي.. الذي حصّن الفلسطينيين وزودهم بجرعات التعود والصبر على المحن مهما كانت طبيعتها للخروج من النفق باتجاه آفاق غير التي كانت سائدة. هذا الثبات النضالي المقرون بالعمل السياسي غير المحدد في الزمن هو الطريق الذي عبّده الفلسطينيون بفضل التضحيات الجسام لخيرة أبنائه منذ الرعيل الأول الذي مهد لمقاومة الاحتلال إلى غاية أجيال الثورة في منتصف الستينات، عرفات، أبو أياد، أبو جهاد، جورج بوش، نايف حواتمة، وغيرهم من رموز الكفاح الوطني الفلسطيني.. الذين كان شغلهم الشاغل الوحدة الفلسطينية و«حماية القرار الفلسطيني». مع مرور الزمن كبرت الثورة الفلسطينية وكبرت معها إرادة الفلسطينيين في هذه المسيرة، وهكذا ما كان يملى عليهم زال تلقائيا لتحل الندية محل الخيارات الأخرى كونها المنطلق اليوم في كل القواعد السياسية الواقعية حددها السيد لؤي عيسى في إطار فعال يحمل الكثير من الدلالات في المستقبل. منها الحماية الدولية، طرد إسرائيل من المحافل الدولية، عدم العودة إلى المفاوضات بالطريقة القديمة، إعتبار اتفاقيات أوسلو منتهية في نظر إسرائيل، الإعتماد على الهبة الشعبية. هذه هي الندية التي يتمتع بها الفلسطينيون اليوم سمحت لهم بأن يكونوا أسياد قرارهم وهذا بالحرص على مصالح شعبهم سواء في الداخل أو في الشتات بضمان لهم العودة إلى أرض أجدادهم بعد أن طردوا منها بالحديد والنار وهذا رغم أنف إسرائيل التي ترفض فلسطيني الخارج كما ترفض الحديث عن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية التي إعتبرها الكنيست الإسرائيلي عاصمة أبدية للدويلة العبرية في نهاية الستينات. حتى وإن كان صراعا مريرا مع الصهاينة فإن الصورة التي شهدناها في الشريط قبيل تدخل السفير كانت مؤثرة جدا وبليغة إلى درجة لا توصف عند إعلان قيام دولة فلسطين بنادي الصنوبر يوم 15 نوفمبر 1988 عرفات يعانق جورج حبش الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبصوت قوي وحدة وحدة وحدة، حتى النصر.