المجمّع التّقني الوطني كان حلم كل المدربين..وتجسّد على الميدان تلعب المديرية الفنية الوطنية للفاف دورا محوريا في ترقية كرة القدم الجزائرية من خلال عملها الميداني المتعدد، ولتدعيم هذا العمل تمّ مؤخرا تنصيب المجمّع التقني الوطني من طرف رئيس الفاف محمد روراوة، وارتأينا أن نتحدث عن هذه المواضيع وأشياء أخرى تخص كرة القدم في العمق مع المدير التقني الوطني توفيق قريشي الذي استضفناه في مقر «الشعب”، والذي حدّثنا بطريقة احترافية، بالنظر لامكانياته من الناحيتين التقنية والاتصالية. هو الذي بدأ مشواره التدريبي منذ سنوات عديدة، وأوكلت له العديد من المسؤوليات التقنية، لا سيما وأنّه كان أصغر مدرب للبطولة في موسم 1989 1990 عندما درّب فريق اتحاد العاصمة. ومن المنطقي أن يكون الحديث في أول الأمر عن المهمة الجديدة التي أوكلت له في الأيام الأخيرة والمتعلقة برئاسة المجمع التقني الوطني، حيث قال: “يمكن القول أن الفاف هي أول اتحادية قامت بتنصيب المجمع التقني الوطني، ويدخل ذلك من مرسوم 2014 الذي ينظّم تسيير الاتحاديات أين تتحدث مادة فيه عن إنشاء المجمع التقني الوطني، وتحدّد التركيبة البشرية التي تشكّله ويرأسه المدير التقني الوطني الذي لديه صلاحيات تمكّنه من الاستعانة بكفاءات أخرى غير محددة في المرسوم المذكور، وهذا لاعطاء الاضافة الضرورية، كما لابد أن أقول أنّ المجمّع التقني الوطني كان حلم كل المدربين لما له من دور في ترقية كرة القدم الجزائرية، بالرغم من أنّني تأسّفت لعدم حضور بعض التّقنيّين لحفل التّنصيب”. قوّة اقتراح بتقنيّين من الميدان وسألنا قريشي عن الدور الذي سيلعبه هذا المجمع، فقال: «إنّه قوّة اقتراح في كل ما يتعلق بكرة القدم الجزائرية، منها فلسفة التدريب واللعب، نمط البطولة، التسيير التقني، الفئات الصغرى، الميركاتو، المسائل المتعلقة باللاعبين والمدربين الأجانب..وسيعطي هذا المجمع قوة أكثر في نظرة الاتحادية لعدة أمور تقنية، كون المديرية الفنية هي جهاز تنفيذي أين يكون النقاش مثلا في قضية الفئات الصغرى مقتصر على إطارات الاتحادية، في حين أنه بفضل المجمع التقني يكون النقاش واسعا مع تقنيين في احتكاك دائم بالميدان ويقدمون اقتراحات متعددة، ونصل الى نتائج بدون شك كبيرة والتي تدخل ضمن السياسة العامة للاتحادية”. الفيفا حدّدت صلاحيات المدير التّقني وعن علاقته العملية كمدير تقني وطني ودور المديرية التقنية وصلاحياتها على الميدان مع مدربي المنتخبات الوطنية، أوضح قريشي في هذا الاطار: “أنا المسؤول الأول على مدربي المنتخبات الوطنية للفئات الصغرى، إنّني على علم بكل ما يقومون به من الناحية التقنية، وبالرغم من أن لهم الحرية للقيام ببرنامج العمل السنوي والتدريبات، لكن ذلك يدخل ضمن السياسة العامة للمديرية الفنية من خلال المديرية الفنية الوطنية، وبالتالي الفاف. وأنتهز هذه الفرصة للحديث على ما نسمعه من حين لآخر عن صلاحيات المديرية الفنية الوطنية تجاه المنتخب الوطني الأول، حيث أقول أنّني حضرت للعديد من الملتقيات على مستوى الكاف أين اشتكى العديد من المديرين الفنيين عن تصادم وتداخل الصلاحيات بين المدير التقني الوطني والناخب الوطني للفريق الأول..لكن مؤخرا تدخّلت الفيفا لتوضيح الأمور وأعطت تعريفا محددا لدور المدير التقني، وحددت صلاحيات المدرب الأول لتفادي تداخل الصلاحيات. وبالنسبة لي لا يوجد أي مدرب للمنتخب الوطني الأول عبر العالم تابع للمديرية الفنية، حيث أنه يتعامل مع المديرية الفنية الوطنية لكنه ليس تابعا لها، فمدرب المنتخب الأول مطالب بنتائج وأهداف محددة في العقد الذي أبرمه، في حين أنّ عمل الفئات الصغرى هو عمل متواصل على المدى المتوسط على الأقل يخص التطوير والتكوين، ومتابعة اللاعبين الشبان ...”. كما أنّ المديرية الفنية الوطنية أعطت لتكوين المدربين أهمية خاصة من خلال البرامج والتربصات العديدة التي تبرمجها ذ والتي يستفيد منها التقنيين واللاعبين القدامى لإرساء أرضية تقنية صلبة ترتسم على مستوى البطولة الوطنية، أين قال قريشي: “تقدّمنا كثيرا في هذا المجال، حيث أننا نملك 1000 مدرب بإمكانه الإشراف على العارضة الفنية لفرق الدرجة الأولى، في الوقت الذي نحتاج إلى حوالي 300 مدرب، أي أنّنا نملك 3 أضعاف ما نحتاج بما في ذلك عند الفئات الصغرى”. الفاف وضعت كل الامكانيات في صالح الأولمبيّين وثمّن قريشي العمل المنهجي في تكوين اللاعبي،ن والذي أعطى ثماره من خلال تأهل المنتخب الوطني الأولمبي إلى ألعاب “ريو” في الصائفة القادمة مؤكدا: “العزيمة والارادة الكبيرتين للاعبين لعبتا دورا معتبرا في تحقيق هذه النتيجة، إلى جانب الامكانيات الفنية، خاصة وأن 60 بالمائة من هؤلاء اللاعبين تكوّنوا بأكاديمية الفاف، وكنّا نتابعهم باستمرار منذ سنوات أين قمنا بعملية انتقاء كانت شاملة وناجحة في آن واحد، كما يمكن اعتبار أن الامكانيات الضخمة التي وضعتها الفاف تحت تصرف هذا المنتخب خلال دورة السينغال كان لها دور في راحة وتركيز اللاعبين، بالاضافة الى عمل المدرب شورمان خلال الدورة”. وعن أهداف المنتخب الوطني الأولمبي في “ريو”، أشار قريشي أنّ ذلك يتحدّد حسب التركيبة البشرية التي سوف نعتمد عليها في الأولمبياد، لا سيما بعد قرار الفيفا الأخير الذي يعطي صلاحيات للأندية الأوروبية حول امكانية تسريح اللاعب من عدمه، أين تصعب المهمة وأصبح تدعيم المنتخب باللاعبين المحترفين شبه مستحيل. الفريق الوطني يحتاج لأحسن اللاّعبين الجزائريّين أينما كانوا وهذه النقطة هي التي جعلتنا نعرج للحديث عن موضوع طالما احتكر الواجهة في السنوات الأخيرة والمتعلق باللاعب المحلي والمحترف في البطولات الأجنبية، وعن ذلك يقول قريشي: «إنّها مسألة خاطئة تماما إذا تحدّثنا عن لاعب محلي وآخر محترف، إنّهم كلهم جزائريّين، والفريق الوطني يحتاج للأحسن أينما كان سواء في البطولة المحلية أو البطولات الأجنبية، لأن الغاية هي العمل للوصول الى نتائج كبيرة على المستوى الدولي، ويمكن القول أن اللاعب الذي ينشط في الخارج لديه الامكانيات والمحيط الذي يساعده على التطور، ويتفوق على اللاعب المحلي الذي في كثير من الأحيان لا يكون له محيط مناسب لذلك، فبالرغم من أن المادة الخام موجودة بالنسبة للاعب المحلي لكن الفرق كبير في الامكانيات والتأطير عند مقارنته باللاعب في الأندية المحترفة في الخارج، خاصة وأن المسيرين على مستوى الأندية يفضّلون النتائج على مستوى فريق الأكابر ولا يهتمون بالفئات الصغرى، وبالتالي، فإنّ الفاف أعادت الأكاديمية بسبب هذا النقص الملاحظ بالرغم من أنّ ذلك ليس من صلاحياتها”. مستوى بطولتنا متواضع جدا... وهذا الأمر قادنا للحديث عن مستوى البطولة الوطنية، الذي وصفه قريشي قائلا: “مستوى بطولتنا متواضع ومتواضع جدا.. وذلك راجع لغياب الامكانيات والعمل الجاد على مستوى الأندية. لا نقول ان الأشخاص المعنيين لا يعرفون وإنما المجهود اللازم غير موجود والمحيط لا يسمح بالتطور، لا سيما من حيث الملاعب وكذا تركيز المسيرين على الأكابر والنتائج الفورية على حساب التكوين، ضف الى ذلك ضغط النتائج من طرف الجمهور”. كما يرى المدير التقني الوطني أن الظاهرة الجديدة التي أصبحت ضمن البطولة المحلية، والمتعلقة بالمنشطات تدخل في اطار عام لتكوين اللاعبين، قائلا: “عندما نتحدث عن تكوين اللاعبين نركز فقط عن الجانب التقني، في الوقت الذي لابد من رؤية المسألة ككل أين لابد من وضع في الحسبان طريقة سير اللاعب في حياته المهنية من خلال تلقينه كيفية التعامل مع وسائل الاعلام، تفادي الوقوع في تناول أدوية قد تكون منشطة من خلال استشارة الطبيب في كل ما له علاقة بالدواء لتحضيره للاحتراف الحقيقي للاعب”.