شدد مصطفى بن بادة وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على اهمية برنامج التنمية المستديمة الذي ينفذ بشراكة المانية. واكد بن بادة في لقاء اعلامي امس في تقديم مقاربة نيكلوس المبادر بها في اطار التعاون بين دائرته الوزارية والوكالة الالمانية للتعاون التقني »جي. تي. زاد« ان التعاون مع الهيئة الالمانية، الذي لم يكن وليد اليوم، قد افضى الى نتائج لاتقدر بثمن. تخصص في المقام الاول تأهيل العمل المؤسساتي والنشاط في اطار منظم جماعي، بعيدا عن النظرة الاحادية، والانغلاق على الذات بدعوة كسب رهان المنافسة، وفرض الوجود. وهي مسألة، وجدت التجسيد الميداني من خلال برنامج نولكوس، الذي يشدد على تجميع الحرفيين، والمقاولين في شبكة واحدة، والعمل معا، من أجل انتزاع صفقات وعقود، تسمح لهم بتأدية الخدمة والوظيفة على احسن حال. وسمحت هذه التجربة التي انطلق فيها منذ 18 شهرا بالشراكة مع الوكالة الالمانية »جي. تي. زاد« من تقوية الحرفيين، وتعزيز مكانتهم من كسب عقود اعتمادا على انفسهم وجهودهم، بعيدا عن طرق الابواب، ومواجهة بيروقراطية ثقيلة، لاتقدم على الدوام التسهيلات. وظهر هذا جليا، في مجموعة الرصاصين بسطيف، الذين انتزعوا صفقات مهمة مع مجمع سونلغاز بعدما تركوا على الهامش لسنوات طويلة، وكذلك تمكن مجموعة البنائين بمستغانم من الانفراد بصفقات، ينجزون عبرها، سكنات ريفية وترقوية في الولاية. واعترف الوزير بأن تجربة تجمع الحرفيين والمقاولين في شبكة وفرع واحد، هي الطريقة الأمثل في تعزيز هذه القطاعات، وإعلاء شأنها والنظر اليها كشريكة في البناء وتقوية الاقتصاد الوطني، وتعزيز تنوعه، بدل الاتكالية على المحروقات. وقال في تقييمه للتجربة التي توسع الى مقاولين صناعيين وحرفيين آخرين، ان شهادة اصحاب المهنة الرائجة تعطي القناعة الاكيدة على جدواها واهميتها. وتثبت للملأ مدى اهمية العمل الجماعي المنظم الذي تؤطره غرف الصناعة التقليدية والحرف من بعيد، وتهيء له اجواء الانتاج، كما يعطيه نفسا ودعما المستشار الذي تعينه الغرف لتولي توجيه مجموعة الحرفيين، وتأطيرهم لتجاوز أعباء العمل المنتج الميداني. وكشف الوزير كم هي ملحة هذه التجربة، التي تحمل دروسا ومرجعية للمترددين المستلمين للواقع غير المبادرين بالحلول. وذكر ان قوة التجربة ينتظر اليها من زوايا التعاون على روح المبادرة والجري وراء النجاعة والجدوى، والتنظيم المحكم والعمل المحسن الدقيق. وهي مسألة تثبت شيء واحد جوهري، ان الحلول للمشاكل مهما كبرت وتعقدت لاتأتي بقرار فوقي. لكن من المبادرة الذاتية والتعاون الجماعي بعيدا عن عقلية »فولي طياب«، أو »تخطي راسي« ذلك، ان العنصر البشري، الذي وضع محورا أساسيا في التنمية المستديمة، يبقى محل الاهتمام الاقصى. والعناية توجه اليه، وتهيأ له الاجواء للعمل المنتج، لا احاطته بسياج من الممنوعات، والمحرمات. وبهذه التجربة، صارت الادارة، تسهل عمل الحرفي المندمج في مجموعة مختصة، على أساس مهنية وخصوصية وتتركه وشأنه، يعمل وينتج، بدل وضعه على الهامش، واصدار اليه تعليمات تأمره بالتنفيذ فقط دون الاستماع الى رأيه ومقترحاته. فقد كانت السلطات في مرحلة سابقة الكل في الكل. تختار التنمية وفق رؤيتها وتحتم على المقاول، والحرفي، تنفيذ برامج لم يشارك في وضعها، ولاتأخذ انشطته بعين الاعتبار. وبهذه الطريقة التي ادت الى نتائج سلبية، صارت الادارة، صاحبة مصدر القرار، تخوف، ويخشي من يقصدها في تسوية تعقيدات ومشاكل. الآن، تجاوزت هذه العقدة، بتراجع دور الادارة، وترك المقاول والحرفي، يتولى ادارة شؤونه، واختيار المشاريع التي تناسبه وطلب من الادارة المساعدة والمرافقة ليس الا. ودعما لهذا التوجه، اوصى الوزير، بضرورة تشجيع وظيفة المستشار الذي يوجه انشطة المجموعة الحرفية والمقاولين وإفساح له المجال للعمل بحرية اكبر دون ان يبقى اسير تعليمات مدير الغرفة. هذه المسألة اكد عليها بن عبد الهادي احمد المدير العام للصناعة التقليدية ودعمتها السيدة روشلير مديرة برنامج التنمية المستديمة بالوكالة الالمانية.. وشدد عليها السيد ستيتز مسؤول التشكيلة الرابعة لبرنامج التنمية المذكورة. واكد الجميع على اهمية برنامج نيكلوس، الذي تسعى لتعميم تجربة المقاولة في الجزائر التي تشق طريقها بتحد لتنويع مصادر اقتصادها، بدل الإبقاء على البترول يحتكر كل شيء.