أثار البروفيسور يحيى زبير أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ڤ أوروماد مرسيلياڤ، إشكالية تمادي الولاياتالمتحدة في سياسة موالية للمغرب متنكرة لأقدس حق حقوقي على الإطلاق ممثلا في حق تقرير مصير الشعب الصحراوي الذي أعلنته أكثر من دولة تمتلك النفوذ في مجلس الأمن وتعمل جاهدة على إقراره في الميدان، اعتمادا على الخيار الدبلوماسي. وتساءل البروفيسور أكثر من مرة في ندوة نقاش بمركز الشعب للدراسات الإستراتيجية، أمس، عن سبب تنكر السياسة الأمريكية لهذا المبدأ الذي اعتمدته الولاياتالمتحدة ونالت من خلالها حق تقرير مصيرها عندما كانت مستعمرة بريطانية لعصور وحقب. وتكشف هذه المسألة حقيقة واحدة أن السياسة الأمريكية تحكمها المصالح والنفوذ، وتعتمد على خيارات يفرضها صراع اللوبيات ويعلوها على أي شيء آخر في كل زمان ومكان. وتعطي هذه القناعة السياسة الأمريكية الموالية على الدوام للمغرب على حساب حق تقرير مصير الشعب الصحراوي الذي أقرته الشرعية الدولية بلا انقطاع، ولا زالت متمسكة به، رغم تحايل الرباط وتلاعباته، رافضا تطبيق قرارات الأممالمتحدة للتعجيل باستفتاء حر ونزيه يعجل باستقلال الصحراء الغربية، ويفتح المجال إلى حركة التكامل والاندماج في المغرب العربي الكبير بعيدا عن الاكراهات والضغوطات الخارجية. وأعطى البروفسور يحيى زبير في الندوة التي نظمت بمقر يومية ڤالشعبڤ، وعنوانها ڤ الولاياتالمتحدة وقضية الصحراء الغربيةڤ، مقاربة عن سبب دعم واشنطن للرباط، والخلفيات والغايات. وحصرها في جملة من المعطيات الأساسية الثابتة. وتتمثل في استمالة المغرب للوبيات مؤثرة في دواليب الحكم الأمريكي ومراكز صنع القرار تدعم طروحاته تجاه القضية الصحراوية إلى أبعد الحدود. وهي لوبيات تتحرك في الكونغرس بصفة خاصة وتملي شروطها على البيت الأبيض، وتفرض على الرئيس خيارات سياسية تريدها حسب المصلحة والنفوذ. وجاءت هذه اللوبيات لتزكية المغرب عن العلاقة الوطيدة مع إسرائيل التي ظلت تحتفظ بحرارة زائدة عن اللزوم منذ سنين. وهناك عوامل أخرى لا يمكن شطبها في المعادلة السياسية التي تشد الاهتمام وتفتح الجدل عن سر التقارب الأمريكي المغربي الذي يتعزز أحيانا على حساب المصلحة الأمريكية مع دول الجوار للصحراء الغربية في صدارتها الجزائر. من هذه العوامل احتلال المغرب حلقة مركزية في السياسة الأمريكية وإستراتيجيتها في زمن الحرب الباردة والتصارع بين الشرق والغرب. وظل الرباط على مدى السنوات الطويلة رأس حرباء في التوجه الأمريكي لمد النفوذ واحتلال المواقع الحساسة في القارة السمراء والشرق الأوسط. وشيد هذا النظام بطريقة لا تترك المجال للرئيس الأمريكي للتحرك في الاتجاه المعاكس، وإيجاد منافذ عبور لبدائل آنية يفرضها منطق التغيير، وتقرها تداعيات الظرف والمرحلة. ووسط هذه الشبكة العنكبوتية ،اكتفى الرؤساء الأمريكيون بسياسة الأمر الواقع معطيين إشارات خضراء للمغرب في لعبة المناورة والتنكر لاستقلال أقدم قضية تصفية استعمار على وجه المعمورة. وزادت المسألة حدة مع الرئيس السابق جورج وولكر بوش في وقت الجولات المراطونية للتفاوض بين المغرب وجبهة البوليساريو دون التوصل إلى أي شيء يذكر. وظهر للملأ كيف يناور المغرب، ولماذا يخلط الأوراق، وينطلق كالعادة في حملات دعائية للترويج لطرح ڤمغربة الصحراء الغربيةڤ المرفوضة جملة وتفصيلا من القوانين والأعراف الدولية. وكشف المستشار القانوني الأممي، السفير السويدي، هانس كوريل، عدم شرعية الموقف المغربي، وبطلان ما يسوقه تجاه القضية الصحراوية باعتباره غير المالك القانوني للإقليم محل التنازع والتصارع تتولى إدارته للأمم المتحدة وتشرف على تهيئة أجواء المفاوضات الممهدة للحل السلمي النهائي بعيدا عن تراشق السلاح والتصعيد. مع ذلك يستمر المغرب في سياسة الهروب إلى الأمام تشجيعا من دعم الولاياتالمتحدة التي تنتهج سياسة براغماتية مع الجزائر. وهي سياسة ازدادت رسوخا بعد اعتداءات 11 سبتمبر، تبرز الاهتمام المفرط بالطاقة والأمن، لكن ليست بدرجة تحول عنها عن مساندة المغرب في تعامله مع الصحراء الغربية تفرضها لوبيات متحكمة في كل صغيرة وكبيرة تروج لطرح الرباط إلى إشعار آخر.