تلعب الطاقة التقليدية المشكلة من الغاز والبترول دورا حاسما في التنمية الاقتصادية ولا تزال في بلادنا المصدر الأول للموارد المالية بنسبة هائلة وستستمر كذلك على المديين القصير والمتوسط إلى حين إنتاج بدائل طاقوية جديدة وغير مكلفة ولا تضرّ بالبيئة. ويمثل عنصر الطاقة أحد مقاييس المنافسة في السوق الوطنية لما تتميز به من تنافسية، الأمر الذي يحفّز على جذب إستثمارات صناعية وفلاحية لا تجد نفس المناخ في مناطق أخرى، ومن الصناعات التي تعتمد على عنصر الطاقة بشكل كبير، صناعة تحويل الألمنيوم التي تثير إهتمام متعاملين عديدين محليين وأجانب. إنطلاقا من هذا، فإن الطاقة أيضا توفر ضمانة للأمن، باعتبار أنها جوهر العلاقات الاقتصادية الدولية، ولذلك تتصدر في كل مرة جدول أعمال اللقاءات الثنائية والجماعية كما هو الحال بالنسبة للعلاقات بين الجزائر والإتحاد الأوروبي، فإن كان الأخير يصنف الطاقة كعنصر لأمن البلدان الأوروبية فإنها كذلك بالنسبة لأمن التنمية المحلية في الجزائر، مما يجعل المفاوضات حول الموضوع ذات أهمية ومثيرة للحذر ضمن السعي إلى إقامة معادلة متوازنة، خاصة في ظل التراجع الحاد لأسعار المحروقات والآثار المترتبة عن تراجع النموّ الاقتصادي العالمي بفعل الأزمة المالية العالمية. وبلا شك، لا يمكن الفصل بين الأمن بمفهومه الشامل والتنمية وبينهما تلعب الطاقة دور عنصر الضبط حفاظا على توازن مصالح المصدر والمستهلك. ويقدم نموذج العلاقات الطاقوية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي نموذجا جديرا بالإهتمام يمكن تنميته باستمرار عبر الحوار الإيجابي والحدّ من الأنانية التي تستهوي بعض الزبائن في الضفة الشمالية بعناوين تخفي أشياء غير معلنة على غرار حرية الأسعار والتسويق مما يلحق الضرر بالبلد الممرّن رغم تأمينه لتموين السوق الأوروبية عبر أنبوب ميدغاز الذي يضاف للأنبوب المتجه نحو إيطاليا. ويعدّ حضور وزير الطاقة والمناجم هذا الأسبوع في إجتماع وزراء الطاقة لبلدان مجموعة الثمانية بروما مؤشرا على توفر إرادة لبناء تلك المعادلة دون إلحاق الضرر بأي طرف، طالما أن كل بحاجة للآخر مما يفرض التوصل إلى تفاهم مشترك، الأمر الذي يطرح توفر شروط ملائمة لمفهوم الأمن الطاقوي والتنموي. ويرتكز مثل هذا التوجه حتما على ضمان ديمومة مشاريع الاستثمار عبر العالم وهو ما يتوقع أن تتصدى له دورة إجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول ''أوبيب'' المقررة غدا (الخميس) بفيينا ويليه في جويلية القادم إجتماع قمة مجموعة الثمانية بإيطاليا. وفي ظل هذا المناخ الطاقوي تفيد مؤشرات، أن الجزائر تراهن على زيادة حجم صادراتها من الغاز الطبيعي إلى 85 مليار م م سنويا بداية من السنة القادمة ,2010 وإلى 100 مليار متر مكعب في السنة مع حلول سنة .2015 وتعدّ الجزائر ثالث مموّن بالغاز لأوروبا.