أحصى، الدكتور أحمد عظيمي، أستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام، وجود 6 آلاف موقع إلكتروني يستخدمه تنظيم القاعدة كأداة للبحث عن المعلومات العسكرية ومراكز البحث النووي وتكوين عناصر الجماعات الإرهابية التابعة لهذا التنظيم على صناعة الأسلحة والمتفجرات والأحزمة الناسفة من خلال نشر كتيبات عن الأسلحة، تكتيكات القتال، صنع المتفجرات، تقديم دورات في صنع المتفجرات وإرشادات حول كيفية صناعتها محلياً، وفي المنازل. ولعل أكبر تهديد بات يتربص بالمجتمعات العربية والغربية، على حد السواء، يقول الدكتور عظيمي، في ندوة فكرية نشطها، أمس، بمركز ''الشعب'' للدراسات الإستراتيجية، هو تحول تنظيم القاعدة إلى استغلال الشبكة العنكبوتية لتجنيد أكبر عدد من الإرهابيين الجدد وكسب متعاطفين جدد بأفكارها وأهدافها، وهو الإرهاب الإلكتروني الذي توقع تناميه واستمراره ما دام أن وسائل الإتصال التكنولوجية تمكن من ذلك في ظل التزايد المهول لمستعملي هذه الوسائل الحديثة وفي ظل غياب تنسيق بين الدول ونقاشات بين النخبة حول هذه القضايا لإدراك مخاطرها. الإرهاب الإلكتروني لا يوجد تعريف محدد للإرهاب الإلكتروني، يقول الدكتور عظيمي، في بداية ندوته الفكرية، فلحد الآن، لازال نقاش كبير، خاصة على مستوى المنطقة العربية حول هذا المفهوم، وبين التفريق بين ما هو إرهاب وما هو مقاومة، إذ لا يعقل إدراج حزب الله أو حماس في خانة الإرهاب، ما دام أن بلديهما لا زالا تحت الإحتلال. وعرّف، ضيف مركز ''الشعب'' للدراسات الإستراتيجية، الإرهاب الإلكتروني بأنه العنف الذي يمارسه بعض مواطنو دولة ما باسم الدين أو اللغة أو الإيديولوجية ضد الآخرين، بسبب أنهم يختلفون معهم في الرأي أو في جوانب الحياة، كما أنه أي الإرهاب الإلكتروني، هو العنف الذي تمارسه دولة ضد شعب أعزل، أو بمعنى آخر، هو حرمان الآخر من أبسط الحقوق المتضمنة في المواثيق الدولية. وخلص، الدكتور عظيمي، إلى القول أن الإرهاب الإلكتروني هو العنف الذي يمارس باستعمال تكنولوجيات الاتصال، سواء عن طريق الأنترنت، أو البث عبر الأقمار الصناعية أو الأقراص المضغوطة أو كاسيت فيديو. فالقاعدة، أدركت، منذ نهاية الثمانينات، أهمية الاتصال في عملها، فعمدت إلى تسجيل أول شريط فيديو لأسامة بن لادن وهو يقوم بنشاطاته في أفغانستان، ليوزع على كامل الدول العربية، وعلى الشباب، بصفة خاصة للتأثير فيهم. وانطلاقا من هذا الموقف، وعند البدء في تشكيل تنظيم القاعدة، بدأ الاهتمام الكبير باستعمال تكنولوجيا الاتصال كأداة لنشر أفكارها الدعائية المغلوطة والتشهير بقوة زائفة من خلال الجبهة الإعلامية العالمية التي تأسست في 2003 والتي أصبحت أداة أساسية وهيكلا تنظيميا في العمل الدعائي حيث كان هذا الجهاز يتضمن عدة أقسام منها قسم النشرات والكتب التي تؤلف من طرف المجموعات الإرهابية، إضافة إلى قسم الترجمة. العنف الممارس عبر مواقع القاعدة من أبرز أنواع العنف التي تمارس عبر مواقع الجماعات الإرهابية المنظوية تحت لواء تنظيم القاعدة، حسب نتائج الدراسة الأولية التي قام بها الدكتور أحمد عظيمي، على 100 موقع إلكتروني تابع لهذا التنظيم، هي تشويه صورة الخصم بترويج الإشاعات عن الأنظمة والمسؤولين وابتداع الروايات والقصص وفبركة الأخبار لتدمير معارضي القاعدة، كما تعمل على زرع الرعب والتشهير بقوة التنظيم من خلال إرسال صور الدمار والخراب إلى القنوات الفضائية التي تعيد نشرها، إضافة إلى الضغط النفسي والاجتماعي الرهيب على المواطنين والعرب بشكل عام لتخويفهم وشل إرادتهم. ويستند، تنظيم القاعدة، استنادا خاطئا، إلى آيات قرآنية لتبرير عملياته الإرهابية والتأثير على الرأي العام العالمي لإيهام العرب والمسلمين بأن الجهاد فرض على كل مسلم ومسلمة، فيما يتجنب قادة القاعدة النقاش الجاد، لأن المجادلين، حسبهم هم إخوة الشياطين. ومن بين الأساليب المستعملة من طرف القاعدة لإقناع المواطنين بعبادة أسامة بن لادن الذي يقدم كأنه رمز لإنقاذ الأمة، بمحاولة ربطه بصور عن البدايات الأولى للإسلام وقرنه بصور الصحابة وكأنه استمرارية للمسلمين الأوائل الذين كانوا يحررون الشعوب. ولأن الأمة العربية، واقعة تحت تأثير التراث ولها ميل كبير لتقدير الشخصية، تحاول القاعدة اللعب على هذا الحبل، وتقديم بن لادن في صورة منقذ الأمة لتجعل الأمة العربية تعيش في حالة لا وعي، كما أنها تعمل على نشر الأوهام والخرافات وأحداث من التاريخ القديم لإقناع المسلمين بإتباع طريقها. في حين، تركز على استغلال الغرائز الجنسية لإقناع الشباب بالتجنيد ضمن صفوفها ومحاربة الغرب. طرق مواجهة القاعدة يرى، الدكتور عظيمي، أن المنع من دخول هذه المواقع الإلكترونية ليس حلا أمثلا للحد من تأثيرها على عقول الشباب والمواطنين بشكل عام، رغم أنه أقر بأن القوانين الردعية التي سنتها الحكومات من شأنها التقليل من مخاطر الإرهاب الإلكتروني. وأكد، في ختام مداخلته، أنه لا بد من اعتماد دراسة على المستوى الدولي تفتح النقاش والحوار بين كل الدول وتعود إلى مبدأ التسامح، وشدد في هذا الصدد، على ضرورة التنسيق بين مختلف الأجهزة عبر العالم لحجب هذه المواقع. أما على المستوى الوطني، فدعا، ذات المتحدث، إلى إحداث تغيير شامل في برامج المدرسة الجزائرية التي مازالت تخرج، حسبه، تلاميذ شفويين لا يعرفون كيف يفكرون، الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة لمخاطر هذه المواقع ويمكن استغلالهم من قبل هذه الجماعات باسم الدين، فيما طالب بإعادة النظر في الخطاب المسجدي وفتح النقاش في وسائل الإعلام الثقيلة حول هذه القضايا لإدراك مثل هذه الأخطار.