تاريخ الصالون ملائم للعارضين المحليين والأجانب لولا دعم وزارة الثقافة لتضاعف سعر المتر المربع حين يدخل المرء إدارة المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية برغاية، يجد ما يشبه خلية النحل؛ حركة دؤوبة وعمل حثيث، خاصة وأنه لم يعد يفصلنا سوى شهر واحد عن انطلاقة صالون الجزائر الدولي للكتاب. في خضمّ هذا الانشغال، استطعنا اقتطاع قليل من وقت السيد محمد إيقرب، المنسق بصالون الكتاب والمساعد المباشر للمحافظ، الذي كشف لنا عن الأهمية التي بات الصالون يتبوّأها في المشهد الثقافي الجزائري، خاصة وأنه صار الموعد الرئيس في الدخول الأدبي بالجزائر. كيف تحوّل الصالون الدولي للكتاب إلى موعد ثقافي ينتظره الكتّاب والناشرون لعرض جديدهم؟ وهل تمّ ذلك بعفوية أم أنه ثمرة تخطيط؟، كان هذا أول سؤال طرحناه على السيد إيقرب، الذي أجاب أن اختيار تاريخ «سيلا» لم يكن اعتباطيا أو محض صدفة، بل تمّ دراسة الأمر بعمق حتى تكون تواريخ الصالون الأكثر ملاءمة، سواء بالنسبة للجزائريين أو الأجانب. «من بين أهم معايير اعتماد فترة نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر، يمكن أن نذكر الدخول المدرسي والدخول الجامعي، وكذا الدخول الاجتماعي، ويمكن الحديث أيضا عن الدخول الأدبي.... بل إن الصالون يصادف قسما من العطلة المدرسية ما يسمح للزائرين بالتنقل، كما يعطي الصالون الوقت للجامعيين حتى يتعرفوا على احتياجاتهم من الكتب. أما الدخول الاجتماعي، فيسمح للعائلات بتنظيم ميزانيتها المخصصة لاقتناء الكتب»، يقول إيقرب، مضيفا أنه لا يجب التغاضي عن العارضين الأجانب، وتوقيت «سيلا» يلائم هؤلاء بدرجة كبيرة.... ضف إلى ذلك، أنه يصادف تاريخا ذا دلالة كبيرة لدى الجزائريين وهو عيد اندلاع ثورة الفاتح نوفمبر، والذي إلى جانب كونه ذكرى تاريخية، هو يوم عطلة ما يسمح بعدد أكبر من الزائرين.... وحتى الطقس قد أُخذ بعين الاعتبار، يؤكد إيقرب. وعبّر عن سعادته لرؤية الكتاب والمبدعين والناشرين ينتظرون موعد الصالون الدولي للكتاب من أجل عرض إصداراتهم الجديدة. ورأى في ذلك ملامح جلية لدخول أدبي، «إذا كان للدول الأخرى دخول أدبي، فلنا نحن أيضا دخولنا الأدبي»، يقول، مؤكدا أن تاريخ «سيلا» يدعم هذا التقليد. وعن الطبعة الحادية والعشرين، قال السيد إيقرب، إن «سيلا» مافتئ يتوسع ويزداد أهمية، بدليل أن عدد العارضين هذه السنة سيقارب الألف، وهناك احتمال جد كبير بأن يتعدى عدد الزوّار المليون والنصف زائر، مثلما حدث السنة الفارطة. وإذا كانت هذه الطبعة ستسجل نموّا من حيث المشاركة والزوار، فإنها ستتعدى الطبعات السابقة من حيث البرنامج الثقافي أيضا، برنامج سيكون غنيا، خاصة من حيث قيمة الأسماء المدعوّة، أسماء رفض محدّثنا الكشف عنها لاعتبارات تنظيمية لا غير، «قد يعتذر أحد هؤلاء في آخر لحظة لسبب أو لآخر، لذا أفضّل عدم ذكر أسماء. ولكن تأكدوا أنها قامات سواء من العرب أو الأجانب»، يؤكد إيقرب خلال وصفه للبرنامج، الذي أضاف أنه غني أيضا في جانبه الموضوعاتي، ومن المحاور التي تمّ تجديد برمجتها موضوع أصل التسميات والمناطق «الأنتروبونيميا»، وهو الذي لاقى اهتماما كبيرا في السابق. من الأمور الجديدة، التنشيط الأحسن للفضاء المخصص للأطفال، كما كشف عن تنظيم طمبولا وسيكون بإمكان المشاركين بها الفوز بسيارة. أما بخصوص ضيف الشرف وهو مصر، اعتبر إيقرب أن الاختيار كان لأسباب منها احترام تداول ضيوف الشرف سنويا بين الدول العربية والأجنبية، ناهيك عن الرصيد الأدبي والثقافي الكبير التي تحظى به مصر: «لا يجب أن ننسى أنها الدولة التي حازت على جائزة نوبل للأدب بفضل الأديب الكبير نجيب محفوظ». وأضاف، أن الصالون الدولي للكتاب مؤسسة كبيرة، وتتطلب تنظيما كبيرا في إطار مصالح مختلفة وكلّ مصلحة بتخصصها، وفريق عمل كامل يتكفل بوضع البرنامج الثقافي، وهذا العمل يتطلب ما بين 8 إلى 9 أشهر من التحضيرات. من جهة أخرى، فنّد السيد إيقرب ما تمّ تداوله حول زيادة ممكنة في سعر المتر المربع بالصالون: «الزيادة كانت السنة الماضية بالانتقال من 3000دج إلى 4000 دج للمتر المربع بالنسبة للعارضين المحليين، ومن 100 إلى 120 دولار للمتر المربع بالنسبة للعارضين الأجانب. لكن أسعار السنة الماضية مازالت قائمة ولم تتغير وأؤكد أنه لم يتمّ رفعها إطلاقا في هذه الطبعة». في هذا السياق، يضيف محدّثنا، أن هذه الأسعار تبقى بعيدة عن السعر الحقيقي للمتر المربع، ولولا دعم وزارة الثقافة لكان السعر ضعف ما هو عليه الآن. كما توجّه بالشكر إلى الشركة الجزائرية للمعارض والتصدير «سافكس» التي ساهمت في عدم رفع الأسعار هذه السنة.