صنع مركب الحجار للحديد والصلب الحدث لسنوات عقب بنائه كأضخم مركب يقود سياسة الثورة الصناعية آنذاك في السبعينيات ويصنع الحدث اليوم بأزمة حادة بين النقابة والمتعامل الأجنبي ارسيلور ميتال الذي يحوز ما نسبته 70 في المائة من رأسمال المجمع إلى جانب 30 في المائة لفائدة مؤسسة سيدار الجزائرية التي عجزت في الماضي لما كانت المالك الوحيد للمجمع على ضمان النهوض بالمركب. ويبدو اليوم أن المركب'' تخطى أزمته'' التي عكستها سلسلة من الاضطرابات والاحتجاجات بالتوصل إلى اتفاق بين الشريكين من إدارة وممثلين للعمال في ظل سوق واعدة يمثل الحديد فيها مادة مضمونة الربح بفضل البرنامج التنموي للدولة، مجسدا في جملة من المشاريع الاستثمارية العمومية يتقدمها قطاع البناء والأشغال العمومية الذي يستهلك مادة الحديد بشكل يحفز الطلب ويشجع الإنتاج الذي ينبغي أن تنمو وتيرته على المديين القريب والمتوسط. مؤشرات الانفراج بما يدفع إلى إعادة الأمور إلى سكَّتها السليمة تعكسها نتائج الحوار الاجتماعي والتوصل إلى ما يشبه عقدا اجتماعيا بالإعلان عن استثمار ما يعادل 12 مليون دولار بهدف تعزيز قدرات الإنتاج كما أشار إليه مسؤول المركب في ندوة صحفية قبل أيام بالعاصمة، وسمحت تلك الاستثمارات حسبه باقتناء ثلاثة محولات بطاقة إجمالية تقدر ب 230 طن، كما استبعد اللجوء إلى مخطط لتسريح العمال وعددهم حوالي ألفي عامل. الطرف النقابي على لسان أمين الفرع النقابي إسماعيل قوادرية صرح أن الاتفاق الموقع قبل أسبوع يسمح بزيادة نسبة 35 في المائة توجه لرفع الأجور والتعويضات. وبالاستناد إلى ما صرح به المدير العام لارسيلور ميتال فنسون لوقويك، يتوقع أن يعرف المركب في المدى القريب نقلة من حيث الأداء والنمو، شرط أن يلتزم بالقواعد السليمة التي تدمج المنظومة العمالية في الديناميكية الجديدة المطلوبة بما يحقق التعبئة والتغيير كما أشار إليه، وذلك باندماج المركب بالدرجة الأولى في الإطار التنموي للبلاد، وتكريس احترام تشريعات العمل وكل ما له صلة بعالم الشغل، والتصرف بسلوكيات اقتصادية بعيدا عن غيرها مما يعكر صفو العمل. وللإشارة تقدر طاقة إنتاج المركب ب 8,1 مليون طن من منتوجات الحديد والصلب، ويتوفر على منشآت سكة حديدية لنقل المواد الأولية وتسويق المنتوجات، كما ينام على منجمين بتبسة هما الونزة وبوخضرة بطاقة 3 ملايين طن في السنة، علما أن احتياطي المادة الخام تقدر ب 86 مليون طن، بينما يقدر عدد العمال ب 6800 عامل على مستوى منطقة عنابة و 1000 عامل بالمناجم. وجدير بالإشارة إلى أن ارسيلور ميتال متواجدة صناعيا في 60 بلدا، وحققت على المستوى العالمي رقم أعمال ب 9,124 مليار دولار سنة ,2008 كما أنتجت 3,103 ملايين طن من الصلب الخام، و على سبيل المثال حققت بإفريقيا في ذات السنة حجم إنتاج يقدر ب 6 في المائة من الإنتاج الإجمالي عبر مصانعها في العالم، مقابل 36 في المائة على مستوى بلدان غرب أوروبا، و 12 في المائة بشرق ووسط أوربا، و 12 في المائة بأمريكا الجنوبية. ومن ابرز الأسواق التي تغطيها بالنسبة للصناعة ما يتعلق بالسيارات والبناء والتغليف، وحسب المعطيات الرسمية للشركة تخصص عناية للجانب الصحي للعمال في انتظار التأكد من ذلك مستقبلا. هل يفي مسيرو الشريك الأجنبي بالتزاماته بضخّ ما يلزم من أموال في تطوير إنتاج المركب وإدماج إستراتيجيته في التنمية الوطنية وفق معادلة متوازنة تحفظ حقوق الطرفين على المديين المتوسط والطويل؟ وهل يضاعف العمال من أدائهم المهني بما يضمن ديمومة مناصب العمل أم أن الدولة ست ضطر إلى إعادة ترتيب الخيارات؟ الأشهر القادمة تقدم الجواب.