قررت الجزائر إيفاد 100 إمام إلى الجالية الوطنية بالمهجر، للقيام بالواجب الديني في شهر رمضان الكريم. ويتوزع الأئمة الذين يسافرون على متن رحلة الخطوط الجوية الجزائرية غدا الخميس على مختلف المساجد بالمهجر، لتولية أداء الخطب الدينية، و شرح آيات من الذكر الحكيم و الفتاوى و صلاة التراويح. وهي مسألة أعارتها الجزائر الاهتمام من زمان، للتكفل بالجالية دينيا، و تعريفها بمرجعيتها الدينية الحقة، و تحصينها من أفكار هدامة تحاول أكثر من جهة زج الجالية الوطنية فيها، و توظيفها في أشياء بعيدة عن الشرع و قواعده، و تسامُحه و حثه على الجدل بالتي هي أحسن، بعيدا عن التراشق اللفظي المولِّد للضغينة والحقد والفتنة. وذكر بوعبد الله غلام الله في الندوة العلمية حول '' ضبط المواقيت الشرعية حسب الرزنامة الرسمية للبلاد ومواقيت الصلاة والإفطار" المنظمة بدار الإمام المحمدية، عشية رمضان الكريم، بجدوى المسألة وأهميتها في إطلاع الجزائريين بالمهجر عن حقيقة الإسلام السمح و المرجعية السنية المتبعة في الجزائر، و تزويدهم بتعاليمه حول التعايش والتآخي والتضامن، في زمن كثرت فيه الفتاوى و وجهت بطريقة تستهدف وحدة الصف، وتبيح المحرمات، بتوظيف أشياء ما أنزل الله بها من سلطان. وشدد الوزير على المرجعية الدينية في الجزائر التي يحرص عليها أيما الحرص، لتجاوز ما وقع في العشرية السوداء من انحراف وتطاول وانشقاق، وبذل جهد معتبر من أجل الوصول إلى هذه الغاية، حيث يلاحظ إجماعا بالجزائر تكرس وتعزز في الميدان باحترام الأئمة المرجعية الدينية. ولم تعد المساجد موطنا للمشوّشين ودعاة الفتنة، ولم يعد مقبولا السماح بصلاة الجماعة بعد موعد الصلاة التي أداها الإمام الشرعي، و هي ممارسة عرفت في مرحلة سابقة بتعمد مجموعات أداء صلاة الجماعة مع بعضها وليس مع الإمام. وصارت الصلاة بعد فوات الموعد تُؤدّى فرادى، و ليست جماعة للحفاظ على المرجعية الدينية والوحدة الوطنية، وهي مسألة تحتل الأهمية البالغة، ويشدد عليها في كل مرة عبر اللقاءات التي تجمع رجال الدين والعلماء، مطالبين على الدوام باحترام مواقيت الصلاة و الصوم. من هنا، جاء الانسجام الكبير بين الأئمة والمؤذنين، وصار الآذان يتلى على المسامع في وقت واحد، إيذانا بالصلاة والإفطار والإمساك، مثلما جرى في رمضان الماضي. وجاءت نتيجة للقاء الذي نظمته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، للحد من الاختلال الذي يعمل دعاة الفتنة على إقراره بشكل أو آخر. وبفضل اللقاءات المباشرة للتحسيس بجدوى التناسق والوحدة الوطنية، بدأت النتائج تظهر في الميدان، وكرست ثقة أكبر في الأئمة الذين كانوا بالمرصاد لحملات التغريب عن الدين الإسلامي. وساهموا و لازالوا عبر الوعظ والإرشاد في زرع روح التلاحم لدى الجزائريين، و مواجهة الأفكار التي تحث على البلبلة والاختلاف. فقد قاومت المساجد بلا تردد الفتنة، بالدعوة الصريحة للوحدة والتضامن ومناصرة الفقير والمحتاج، وعدم تركه وشأنه يغرق في اليأس والقنوط. وحثت على منح أموال الزكاة إلى الصندوق الذي أعد لهذا الغرض من الوزارة المعنية. وتسليم الأموال لمستحقيها في الوقت المناسب بلا تأخير وتباطؤ لا يسمح به الدين الإسلامي الحريص على التآلف بين الناس وتعاضدهم وتراحمهم، بعيدا عن قاعدة " تخطي راسي''. إنها مسؤولية واقعة على الإمام المطالب ليس بالتجنيد السياسي والإيديولوجي والتحزب، لكن إصلاح شأن الأمة بالدعوى إلى التقوى ومحبة البعض ونشر ثقافة الثقة وصدق المعاملة بين الناس، والتضامن والتعايش بينهم، بعيدا عن التراشق اللفظي المولد للعنف، و كل مخاطر الانقسام والفتنة التي ولت بلا رجعة في الجزائر، التي عادت من بعيد وتتطلع لاستعادة موقعها اللائق بين الأمم.