يحتوي تاريخ الحياة الإجتماعية عند العرب والمسلمين على الأخبار والطرائف والقصص المسلية، ومن الخلفاء الذين أعطوا الإسلام روح العدل والتقوى أو الذين جعلوا مجالسهم في كثير من الأحيان للطرب وسماع أحاديث النوادر والفكاهة. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن الموضوع بالتفصيل، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1 لما أفضت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز جاءته الوفود من بينهم وفد الحجاز، فتقدم الوفد غلام صغير ليتكلم فقال عمر: ليتكلم من هو أكبر منك سنا لأنه أحق بالكلام منك، قال الصبي: يا أمير المؤمنين لو كان الأمر كما تزعم لكان في مجلسك هذا من هو أحق به منك. قال عمر: صدقت، وسمح له بالكلام فقال الغلام: يا أمير المؤمنين إنا قدمنا عليك رغبة منا وليس رهبة منك، أما سبب الرغبة فقد أمنا بك في منازلنا، وأما عدم الرهبة فقد أمنا جورك بعد لك، فنحن وفد الشكر والسلام، فقال له عمر: غطني فقال الغلام: يا أمير المؤمنين إن أناسا غرهم حلم اللّه وثناء الناس، فلا تكن ممن يغره حلم اللّه وثناء الناس عليه فتزل قدمك وتكون من الذين قال اللّه فيهم: {ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون}، (وكان الغلام يبلغ 12 سنة من العمر) بعد أن انتهى الغلام من كلامه قال عمر شعرا: تعلم فليس يولد المرء عالما وليس أخو علم كمن هو جاهل فإن كبير القوم لا علم عنده صغير إذا تراكمت عليه المحافل 2 دخل رجل على المهدي، فقال: يا أمير المؤمنين هذه نعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقد أهديتها لك، فأخذها منه وقبلها ووضعها على عينيه وأمر له بعشرة آلاف درهم، فلما خرج قال المهدي لجلسائه: إني أعلم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يرها ولم يلبسها وهي ليست له لكن لو كذبناه لقال للناس: أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول اللّه صلى اللهّ عليه وسلم فردها عليّ، ويكون من يصدقه أكثر ممن يكذبه لأنه من شأن العامة النصرة للضعيف على القوي وإن كان ظالما، ولهذا اشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدقنا قوله. 3 أتى عبد الملك بن مروان برجل ممن خرجوا عليه، فقال: اضربوا عنقه، فقال الرجل: ما خرجت إلا لأنني رجل مشؤوم ما كنت مع رجل إلا غلب وانهزم،