تبرز النوادر الفكاهية بعض صور الحياة الإجتماعية عند العرب، وكانت هذه النوادر تدور في مجالس الخلفاء وهي تبرز هيبة السلطان في بعض الأحيان، وتبرز جانب المرح والضاحك من الحياة في بعض الأحيان الأخرى. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن هذه الطرائف الفكاهية بالتفصيل، ولكن ومن المفيد تقديم النماذج التالية: 1 خرج سليمان يريد الصلاة ونظر في المرآة فأعجبه جماله وكان حسن الوجه، فقال: أنا الخليفة الشاب، فلقيته إحدى جواريه فقال لها: كيف ترينني؟ فقالت: ليس فيما بدا لنا فيك عيب عابه الناس غير أنك فان أنت نعم الفتى لو كنت تبقى غير أنه لا بقاء للإنسان وتفيد إحدى الروايات أنه جلس في بيت أخضر وعليه ثياب خضر، ثم نظر في المرآة فأعجبته نفسه فقال: كان محمد نبيا وكان أبو بكر صديقا، وكان عمر فاروقا وكان معاوية حليما، وكان يزيد صبورا وكان الوليد جبّارا، وأنا الخليفة الشاب فما دار عليه شهر حتى مات. 2 كان ليزيد بن معاوية شقيق يسمى عبد اللّه، فجاءه يوما وقال: إن الوليد بن عبد الملك يعبث بي ويحتقرني، فدخل خالد عبد الملك وكان الوليد عنده فقال: يا أمير المؤمنين إن الوليد ابن أمير المؤمنين قد احتقر ابن عمه واستصغره وعبد الملك مطرق، فرفع رأسه وقال: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون، فقال خالد: وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها، فحق عليها القول فدمرناها تدميرا، فقال له الوليد: أسكت يا خالد لا تعد في العير ولا في النفير! فقال خالد: ويحك ومن العير والنفير غيري؟ جدي أبو سفيان صاب العير وجدي عتبة بن ربيعة صاحب النفير! 3 كان الوليد من فتيان قريش وشعرائهم، فاسقا شريب خمر، فشرب الخمر بالكوفة وكان واليا عليها، وقام ليصلي بالناس صلاة الصبح فصلى بهم أربع ركعات ثم التفت إليهم وقال بصوت مرتفع: علق القلب الربابا بعدما شابت وشابا فشكا أهل الكوفة إلى الخليفة فأمر رجلا بضربه، فلما دنا منه قال له: ناشدتك باللّه وقرابتي من أمير المؤمنين، فخاف علي بن أبي طالب تعطيل الحد فقام إليه وضربه: لتدعولي قريش بعد هذا جلادا.