تبرز الطرائف والنوادر بعض صور الحياة الاجتماعية عند العرب التي كانت تدور في مجالس الخلفاء، وأبطال هذه الطرائف شخصيات ظريفة كانت تحادثهم وتدخل الى أوساطهم الخاصة. وقد وهب اللّه هذه الشخصيات البديهة والحساسية المرهفة التي تجعلها تلتقط أحداث الحياة فتتحول على يديها إلى ضحك وطرائف. لا يسمح هذا الحيز باستعراض هذه النوادر والطرائف بالتفصيل، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1) أشرف المأمون على نهر الفرات فصادف جارية كأنها القمر ليلة تمامه من حيث الجمال وبيدها قربة ماء قد ملأتها وحملتها على كتفها وصعدت من حافة النهر فسألها المأمون: يا جارية من أي العرب أنت؟ قالت: أنا من بني كلاب، قال المأمون: وما الذي حملك أن تكوني من الكلاب، فقالت: واللّه لست من الكلاب وإنما أنا من قوم كرام غير لئام يكرمون الضيف ويضربون بالسيف، ثم قالت: يا فتى من أي الناس أنت، فقال: أو عندك علم بالانساب قالت: نعم. فعجب المأمون من جمالها وذكائها وفصاحة لسانها، وقال واللّه لا تزوج بهذه الجارية وسأل عن أبيها وخطبها منه فزوجه بها وعاد مسرورا وهي والدة ابنه العباس. 2) شكا أهل بلدة الى المأمون واليا عليهم فقال: كذ بتم عليه فقد صح عندي عدله فيكم واحسانه اليكم. فقال شيخ منهم: يا أمير المؤمنين فما هذه المحبة لنا دون سائر رعيتك؟ قد عدل فينا خمس سنين فانقله الى غيرنا حتى يشمل عدله الجميع وتربح معنا الكل. فضحك المأمون وعزله من البلده التي كان واليا عليها. 3) تنبأ رجل في زمن المتوكل فلما حضر بين يديه قال له: أنت نبي؟ قال: نعم ، قال: فما الدليل على صحة نبوتك قال : القرآن الكريم يشهد بنبوتي في قوله تعالى: اذا جاء نصر اللّه والفتح وأنا اسمى نصر اللّه. قال فما معجزتك؟ قال: ائتوني بامرأه عاقر انكحها تحمل بولد يتكلم في الساعة ويؤمن بي، فقال المتوكل لوزيره: أعطه زوجتك حتى نتأكد من نبوته. فقال الوزير: أما أنا فأشهد أنه نبي اللّه، وإنما يعطي زوجته من لا يؤمن به فضحك المأمون وأطلقه. 4) ادعت امرأة النبوة في أيام المتوكل فقال لها أنت نبية، قالت نعم، قال أتؤمنين بمحمد، قالت نعم ، قال: فإنه صلى اللّه عليه وسلم قال لانبي بعدي، قالت: فهل قال لا نبية بعدي. فضحك المتوكل وأطلقها؟!