تقدم الطرائف الفكاهية بعض صور الحياة الاجتماعية عند العرب وابطال هذه الطرائف شخصيات وهبها اللّه البديهة والحساسية النقدية المرهفة التي تجعلها تلتقط احداث الحياة وأحوالها العادية فتتحول على يديها الى ضحك وطرائف مرهفة بروح النقد الاجتماعي والخلقي والأدبي. كان أبو دلامة من أصحاب الروح الفكاهية المرحة لايسمح هذا الحيز بالحديث عن هذه الروح بالتفصيل ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية 1 ) دخل ابو دلامة على الخليفة المنصور ذات يوم وأنشده الأبيات التالية: رأيتك في المنام وأنت تعطيني خياره مملوءة دراهما وعليك تأويل العباره فقال المنصور إمض وائتني بخياره املؤه لك دراهم ودنانير.. غاب أبو دلامة قليلا وعاد وهو يحمل قرعة كبيرة فقال المنصور: ''ماهذا يا أبا دلامة فقال: عفوا يا مولاي.. لقد حلمت بالقرعة لا الخياره ولكن نسيت فلما رأيتها في السوق تذكرتها؟! 2 ) أمر المهدي ان يحبس أبو دلامة وهو في حالة سكر في بيت الدجاج في الليل راحت السكرة وجاءت الفكرة ووجد أبو دلامة نفسه بين الدجاج فطلب دواة وقرطاسا وأرسل الى المهدي الأبيات التالية: أقاد الى السجون بغير ذنب كأني بعض عمال الخراج ولو معهم حبست لهان الأمر ولكني حبست مع الدجاج فلما قرأ المهدي هذه الأبيات أمر باطلاق سراحه ودخل عليه فسأله: أين بت الليلة يا أبا دلامة قال في بيت الدجاج يا أمير المؤمنين وسأله المهدي ماذا كنت تصنع قال أبو دلامة: كنت أقوقي معهن فضحك المهدي وقدم له جائزة؟! 3 ) كانت بغلة أبي دلامة أسوأ الدواب في منظر العين فكان اذا ركبها تبعه الصبيان يتضاحكون به وكان يقصد في ركوبها مواكب الأمراء والخلفاء ليضحكهم نظم فيها قصيدة مشهورة نقتطف منها الأبيات التالية: رزقت بغلة فيها وكال وليته لم يكن غير الوكال ليحصى منطقي وكلام غيري عشير خصالها شر الخصال فأهون عيبها أني اذا ما نزلت وقلت إمشي لاتبال 4) قال المهدي: يا أبا دلامة لئن لم تهج واحدا في المجلس لأقطعن لسانك فنظر الى الجميع وقال أنا واحد منهم وأجد نفسي أحق بالهجاء من غيري فأنشد يقول: ألا أبلغ اليك أبا دلامة فليس من الكرام ولا كرامه اذا لبس العمامة كان قردا وخنزيرا اذا نزع العمامة