الشائع عن المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية أنها شركة عاجزة مالية ترزخ تحت طائلة الديون، لكن يبدو أن السنوات العجاف التي عرفتها في السابق مرشحة لتكون من الماضي، حيث المؤشرات الحالية تبعث على التفاؤل وترشح هذه الشركة لتجاوز مرحلة (الخطر) والدخول في مرحلة الانتعاش التي تمكنها من القفز على كل الصعوبات والمعوقات التي جعلتها في وقت ما عرضة للخوصصة أو التهديد بالغلق وما يعني ذلك من تسريح لآلاف العمال، علما أن ديون المؤسسة بلغت 60 مليار دينار. ورغم ذلك، فإن الأرقام المستقاة من محيط المؤسسة تفيد بأن هذه الأخيرة حققت خلال السنوات العشر الماضية صادرات بنحو 82 مليون دولار وهو رقم مرشح للارتفاع إلى 87 مليون دولار بعد دخول الاتفاقيتين الموقعتين مع مالي: 2 مليون دولار، و3 مليون دولار، وتنوي الشركة رفع حجم صادراتها خلال العام القادم نحو أسواق أخرى خاصة ليبيا والسودان ودول الساحل وسوريا. وتهدف الشركة إلى اقتحام أسواق جديدة ليس في إفريقيا فحسب، بل وفي أمريكا الجنوبية أيضا، وهو ما يفرض عليها رفع طاقاتها الإنتاجية وتحسين نوعية علامتها وليس لها من خيار آخر أو حجة تتذرع بها، خصوصا وأن قرارات الحكومة فيما يتعلق بقانون الاستثمار أو ما جاء به قانون المالية التكميلي لعام 2009 المتضمن الحد من استيراد الشاحنات ومركبات الأشغال العمومية، جاءت لتعطي دفعا لهذه الشركة بالخصوص والشركات الوطنية الأخرى من أجل الخروج من دائرة العجز والانطلاق في ميدان الإنتاج مجددا، لربح معركة التنافسية في سوق مفتوح على مصراعيه بعد دخول إجراءات الحد من الاستيراد حيز التنفيذ. وما يبعث حقا على التفاؤل الاتفاق الذي وقعته وزارة الداخلية والجماعات المحلية مع الشركة والذي يضمن تزويدها ب 1000 حافلة تسلم في غضون العام القادم موجهة للبلديات بقيمة تقدر ب 23 مليار دينار. وعلى صعيد آخر، وقعت المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عقدا يضمن تكوين نحو 1000 عامل من الشركة بداية شهر أكتوبر القادم وإلى غاية مطلع 2014 في تخصصات الهندسة الصناعية، الهندسة الميكانيكية، التسيير الصناعي، أما فيما يتعلق بديون الشركة، فإن ملف التطهير - حسب مصادر قريبة من الشركة - موجود حاليا على طاولة مجلس مساهمات الدولة للفصل فيه. وما من شك، فإن تطهير الديون هو بمثابة جرعة أكسجين للشركة تمكنها من تحريك آلة الإنتاج لديها بوتيرة أسرع، علما أن قدرة إنتاجها حاليا هي 5500 مركبة سنويا، أي دون قدرتها الحقيقية والمقدرة ب 10 آلاف مركبة. ومن جهة أخرى، ستدشن الشركة خلال النصف الأول من شهر أكتوبر القادم معهدها العالي للتكنولوجيات الميكانيكية، وذلك ضمن استراتيجيتها الرامية إلى تحسين وعصرنة آلاتها الإنتاجية من خلال تأهيل كفاءات قادرة على ترقية أداء الشركة وتعزيز قدراتها التنافسية على مستوى الأسواق الخارجية، وسيؤمن هذا المعهد الواقع بإقليم بلدية الرويبة تكوينا عاليا لنحو 200 متربص في مجال ميكانيك السيارات والتكنولوجيات الحديثة المبتكرة في هذا المجال.