بلغ استثمار المؤسسات الصينية بالسوق الجزائرية ما قيمته 800 مليون دولار أمريكي، حسب ما صرح به سفير دولة الصين بالجزائر، مؤكدا بأن الصين خلصت إلى رفع نسبة الإستثمارات ببلادنا إلى قطاعات أخرى، بعدما شاركت في إنجاز شطر من الطريق السيار شرق غرب. وأضاف السفير الصيني، بأنه خلال السنوات الأخيرة حازت الشركات الصينية على عشرات المليارات من الدولار من الصفقات العمومية، كإنجاز برنامج المليون سكن، سكة الحديد، مشروع تحويل المياه و إنجاز السدود، المحروقات، و كذا مشروع الطريق السيار شرق غرب، و لم تكتف المؤسسات الصينية باقتحام هذه القطاعات، بل تعدت إلى الإستثمار في قطاع الاتصالات اللاسلكية والدفاع. ويأتي اقتحام الشركات الصينية السوق الوطنية، في ظل محاولة المؤسسات الفرنسية الحصول على أكبر عدد من الصفقات العمومية للإستثمار في عدة قطاعات، لكن حسب بعض الأوساط الفرنسية، فإن شركاتها لم تحظ بنفس الإمتياز التي حظيت به المؤسسات الصينية. ومن بين المؤسسات التي وجدت صعوبة في الوصول إلى اتفاق يرضي الطرف الجزائري والفرنسي، نجد مؤسسة ''توتال'' التي تنوي إنجاز مشروع مركب البتروكيمياء بآرزيو (وهران)، حيث قامت هذه المؤسسة بالتفاوض مع سوناطراك منذ سنة ,2007 وتمكنت في 4 ديسمبر من نفس السنة من الإعلان رسميا عن إبرام الإتفاقية بقيمة 3 ملايير دولار، وذلك بمناسبة زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى لجزائر في إطار سياسته ''ديبلوماسية الأعمال'' بغرض تقوية الوجود الفرنسي بالسوق الجزائرية. لكن بعد سنتين من هذه الزيارة، بقيت المؤسسات الفرنسية على الهامش، واستفادت من برنامج الإنعاش الاقتصادي مؤسساتٌ صينية وألمانية وإيطالية وكذا إسبانية، والذين حصلوا على الأغلبية الساحقة من الصفقات العمومية لمشاريع الطريق السيار، السكن، المياه، السكك الحديدية وغيرها من المشاريع. واستنادا لبعض الخبراء، فإن تراجع الشركات الفرنسية اقتصاديا لا يقتصر فقط على السوق الوطنية، بل أن هذا التراجع سُجل بكل دول المغرب العربي، فمثلا بليبيا استفادت الشركات الأمريكية والإيطالية والبريطانية من انفتاح السوق، وبهذا أصبحت المؤسسات الفرنسية مهددة. ويفسر الخبراء تراجع الوجود الاقتصادي للمؤسسات الفرنسية بالجزائر إلى أن هذه المؤسسات قدمت اقتراحات مالية عالية، مقارنة بتلك المقدمة من طرف منافسيها من بلدان أخرى، ويضيف الخبراء بأن الفرنسيين قدِموا إلى الجزائر بفكرة أنهم الوحيدين الذين يملكون الخبرة والتجربة، وأن مؤسساتهم لديها التجربة الحقيقية والفعلية في كل الميادين. وبالمقابل، لم يلاحظ الطرف الفرنسي صعود قدرة الشركات الصينية مثلا، و لم تستطع المؤسسات الفرنسية منافسة الصينيين في قطاع البناء والأشغال العمومية. زيادة على ذلك، فإن الفرنسيين لم ينجحوا في التأقلم مع التطور المحلي بحكم أن شبكات الإحتكار تغيرت، وسياسة تنويع الممولين والشركاء سمحت للجزائر بالإنتقال من وجهة إلى وجهة اقتصادية أخرى. وفي هذا الإطار، أفاد أحد رجال الأعمال الفرنسيين بأن نيكولا ساركوزي لديه علاقات فردية جيدة مع رؤساء دول المغرب العربي، لكن من ورائه الشبكات الفرنسية لم تعرف كيف تتأقلم، مشيرا إلى أنه من الأجدر تحويل هذه العلاقات السياسية الجيدة إلى صفقات لصالح المؤسسات الفرنسية. وبالموازاة مع ذلك، فإن مسألة الصفقات تعود دائما إلى الواجهة، بحكم أن الطرف الفرنسي يلوم الجزائريين على حرمانهم من المشاريع العمومية، ويطالب بشرعية مؤسساته في المشاركة في البناء وتجهيز الجزائر.