تشكّل مسألة المحافظة على التراث المادي واللامادي لولاية سيدي بلعباس وإدراجه، وتصنيفه ضمن أبرز الاهتمامات بالنظر إلى ما تزخر به الولاية من عديد المواقع ذات القيمة التاريخية والثقافية، وفي هذا السياق أكّدت صورية يوس رئيسة لجنة الممتلكات بالمجلس الشعبي البلدي لسيدي بلعباس أن المدينة وبإعتبارها منطقة كولونيالية تضم عديد القصور ما جعل البعض يطلق عليها إسم مدينة القصور، ومن هذا المنطلق تسعى لجنة الممتلكات إلى حماية هذه المواقع من خلال العمل على جردها وتصنيفها باعتبارها تحمل قيمة اجتماعية وتاريخية وتعد إرثا ماديا له أبعاد هامة. حيث كانت الانطلاقة من قصر البلدية الذي يقع بوسط المدينة ويعتبر إرثا محليا، وهو الذي خضع لعملية ترميم واسعة منذ 2013 على يد مؤسّسة متخصّصة في ترميم المعالم، على أن يتم استلامه قريبا. هذا وستنطلق أيضا عملية ترميم قصر «ليون باستيد» أو كما يعرف بقصر نابوليون والذي يعود تاريخ إنشائه إلى سنة 1865، بعد استرجاعه من قبل مديرية الثقافة. في حين تبقى عديد القصور تنتظر أدوارها، منها ما هو في حالة حسنة كقصر لومي الذي تشغله مديرية الثقافة حاليا في انتظار انتقالها إلى مقر جديد وإعادة الاعتبار له، وكذا القصر الذي يشغله حزب جبهة التحرير الوطني والذي يطاله الإهمال بشكل كبير، أما قصر بيرين الذي تدهور بشكل كلي فأكّدت ذات المتحدثة بمواصلة السعي إلى جرده ومن تمّ ترميمه. وأضافت صورية يوس أنّ معلم القبة السماوية خضع هو الآخر لعملية ترميم واسعة مؤخرا بهدف الحفاظ عليه كونه واجهة الولاية ومعلمها السياحي، فضلا عن تواصل عملية ترميم البنايات القديمة بوسط المدينة، والتي مسّت حاليا 40 بناية من جملة 80 بناية تمت برمجتها في المشروع الذي سيمكّن الولاية من استرجاع بريقها من جهة والحفاظ على الطابع العمراني لوسط المدينة من جهة أخرى. وختمت رئيسة لجنة الممتلكات قولها بالتأكيد على مواصلة السعي لإنقاذ التراث المادي واللامادي، الذي يعد جزءا من الشخصية الوطنية والهوية، من خلال التنسيق بين القطاعات وتثمين هذا الإرث المجتمعي والاعتناء به للأجيال لأن المهمة هي مهمة الجميع والفائدة أيضا للجميع. فتوح فاطمة الزهراء رئيسة جمعية راية التّراث الأصيل: هدفنا الأساسي ترقية التّراث المحلي والحفاظ عليه اعتبرت فتوح فاطمة الزهراء رئيسة جمعية راية التراث الأصيل بسيدي بلعباس، أنّ التراكم الكبير للجمعيات الثقافية التراثية التي تأسّست في كل أرجاء الوطن خلال العقد الأخير، هو أمر إيجابي يؤكّد الديناميكية التي تعرفها البلاد عامة والمجتمع المدني على الخصوص، لكن الأداء والاستمرارية والاحترافية يبقى العامل الأساسي للحفاظ على الموروث المادي واللامادي. وأضافت أنه ورغم المجهودات المبذولة في مجال حماية التراث الجزائري بشكل عام من طرف أكثر من جهة سواء كانت الوصاية أو مؤسسات معنية، جمعيات المجتمع المدني إلا أن المشوار لا يزال طويلا وحماية التراث هم يومي يجب أن يدبر بديمومة متناهية وتدبير محكم. وعن جمعية التراث الأصيل التي لا تزال فتية، أكّدت السيدة فتوح أنها تعمل في إطار استراتيجية واضحة المعالم من أجل مقاربة جديدة لحماية التراث المادي واللامادي، فهي جمعية ثقافية ذات طابع تراثي حرفي تسعى لإحياء التراث المحلي، وهدفنا الأساسي هو ترقية والحفاظ على التراث الوطني، مع الحرص على البعد الوطني في مختلف نشاطاتنا، سواء كان ذلك في المعارض أو من خلال المشاركة في التظاهرات الثقافية. وتركّز الجمعية على الصناعات التقليدية كونها تشكل إحدى المكونات الأساسية للشخصية الإبداعية، فهي الوسيط بين الماضي والحاضر، أين تلعب هذه المنتجات البسيطة دورا هاما في إيصال رسالة أصيلة تنقل من خلالها ثقافات وسلوكات حضارية تفنّن الإنسان القديم في إبداعها وتحدّى بها الظروف التي كان يعيشها. وتضم الجمعية حاليا حوالي 30 حرفيا من مختلف مناطق الولاية في مختلف الصناعات التقليدية، نسعى من خلالهم لإبراز التراث المادي للمنطقة ومن ذلك الألبسة التقليدية القديمة، الأفرشة الصوفية، الأدوات المصنوعة من الحلفاء والدوم وكذا الحلي التي تتميز بها المنطقة والمعروفة بالجوهر. وتقوم الجمعية أيضا بالإحتكاك مع حرفيين من مختلف مناطق الوطن لإتاحة الفرصة للتبادل الثقافي، وهو ما تجلّى من خلال تنظيمنا لمعرض للتراث المحلي احتفالا بشهر التراث، والذي يشارك فيه حوالي 30 حرفيا من مختلف ولايات الوطن.