عاد الفريق الوطني الى ارض الوطن بعد مشاركته في الدورة ال 27 لكأس افريقيا للأمم بأنغولا، والتي أتت بعد غياب لدورتين عن العرس القاري، حيث ان الأمور كانت ايجابية في العديد من الزوايا، خاصة وان القليل جدا من المتتبعين كانوا ينتظرون وصول الخضر الى المربع الذهبي، بالنظر للمستوى الكبير الذي بلغته المنافسة، وكذا نقص الوقت لتحضير جيد على كل المستويات، ونقص التجربة لدى العديد من لاعبينا الذين يشاركون في معظمهم المرة الأولى في كأس افريقيا، وبالتحديد في أدغال القارة السمراء، ذلك أن منصوري وعنتر يحي وزياني كانوا قد خاضوا دورة 2004 التي جرت بتونس. فقبل التوجه الى انغولا، كان المدرب الوطني رابح سعدان قد اكد ان كأس افريقيا تعتبر هدفا مرحليا في مسيرة الفريق الجزائري، الذي يستعد للمشاركة في كأس العالم القادمة بجنوب افريقيا.. مما يعني ان الهدف المسطر هو لعب اكبر عدد من المقابلات بداية من اجتياز الدور الأول، وهذاما يدل ان الأهداف تجاوزت ما كان مرادا من هذه المشاركة الجزائرية. ويمكن القول ان البداية لم تكن موفقة للخضر الذين وجدوا صعوبة كبيرة للدخول في المنافسة، حيث انهزم الفريق الوطني امام دهشة الجميع ضد الفريق المالاوي، الذي جاء الى الدورة من اجل اكتساب الخبرة.. وكانت النتيجة ثقيلة، حتى ادخلت الشك في انصار الفريق الوطني الذين لم يكونوا ينتظرون مثل هذه البداية من فريق مونديال.. لكن، اذا عرف السبب بطل العجب، كما يقال.. فالفريق الوطني عان يومها من عدة عوامل، اهمها الحرارة المرتفعة التي سادت في ذلك اليوم والرطوبة المرتفعة كذلك في الوقت الذي برمجت »الكاف« هذه المقابلة في منتصف النهار!! فكانت الأمور عسيرة على لاعبينا الذين حرصوا على محو هذه الهزيمة في أقرب موعد.. وكان ذلك امام مالي الفريق المدجج بالنجوم التي تلعب في اكبر الأندية الاوربية على غرار كانوتي وديارا.. فقد اثبت الخضر ان اللقاء الأول كان عثرة بطل في مسيرة .. واستحق »الخضر« العلامة الكاملة في الأداء والنتيجة التي كانت لصالحه.. بعد ان قدم مباراة تكتيكية طبخ معالمها سعدان والتي اعادت الفريق الجزائريي الى المنافسة من الباب العريض. منحى تصاعدي.. ومباراة تاريخية أمام »الفيلة« وبما ان الدورات مثل كأس افريقيا هي مسألة حسابات في الدور الأول، فإن الفريق الوطني حرص على ضمان تأهله الى الدور الثاني في اللقاء الذي جرى امام البلد المنظم انغولا.. فالتعادل كان يكفي زملاء زياني للمرور الى الدور القادم في ظروف جيدة.. واغلب المتتبعين وجدوا ان الفريق الجزائري لعب الدور الأول بذكاء وباستراتيجية اكدت انه يملك تعداد بإمكانه الذهاب بعيدا. وهو الشيء الذي ظهر في المباراة القادمة في ربع النهائي امام احد المرشحين بقوة لنيل اللقب، اي الفريق الايفواري القوي.. فكانت الحصة الكبيرة من الاحتمالات تصب في منحى ان زملاء دروغبا لهم كل مواصفات الفريق الذي يستحقق اللقب،، لكن ماذا حدث ياترى؟! لقد وجد امامه »الافناك« التي قلّبت كل الموازين واخرج سعدان وصفة يملك لوحده ميكانيزماتها.. وخلخل ودوخ كل المتتبعين بداية من الدقيقة ال ,20 أين رأينا منتخبا وطنيا في أرقى صورة بقيادة كل من زياني ومقني ومطمور.. هذا الأخير الذي أبدع ووضع الفريق الوطني على السكة المناسبة بفضل هدف في الوقت المناسب، وبعدها سارت الأمور بشكل ايجابي من كل النواحي، وقضى »الخضر« على احلام الفيلة واكدوا بفضل تلك المباراة ان الفريق الجزائري عاد فعلا الى الواجهة القارية، وان »الخير الكبير قادم« في المناسبات القارية والعالمية في المستقبل. وكل المحللين اتفقوا على ان سعدان بخطته تغلّب على هاليلوزيتشي ونجومه، خاصة وان التركيز كان سيد الموقف من الجانب الجزائري، فلا دروغبا ولاكالو تمكنوا من السيطرة على الكرة ماعدا في بداية المقابلة. كوفي كوجيا يقصي »الخضر«.. ويعيد التحكيم القاري إلى الحضيض هذه المقابلة سلّطت الأضواء بشكل بارز على لاعبينا الذين أثبتوا أن الفريق في منحى تصاعدي وانه عندما يكون له الوقت الكافي لتحضير مقابلة يكون التحدي كبيرا للعبها في اعلى مستوى مع اي فريق.. والامثلة عديدة في مسيرة »الخضر« خلال التصفيات المؤهلة لكأس افريقيا والعالم.. ومن الناحية التكتيكية فضّل سعدان خطة كلاسيكية تعتمد على دفاع مسطح بعودة عنتر يحي، ومهاجمين مطمور وغزال اللذان اثبتا تفاهمهما. وللأسف فقد انقلبت الأمور في نصف النهائي اين واجه الفريق الجزائري نظيره المصري والحكم كوفي كوجيا في آن واحد، اين ظهر انحياز الحكم البينيني واضحا منذ البداية وأدخل الخضر في دائرة النرفزة وتضييع كل الاساسيات التكتيكية، بداية بالورقة الصفراء لحليش وضربة الجزاء والبطاقات الحمراء لكل من حليش وبلحاج وشاوشي، أين أصبح اللعب في غير مقابلة، فلم تكن هناك مباراة عندما يكون الحكم طرفا مع المنافس ويخرج المقابلة من اللوائح الرياضية المعروفة عالميا.. فكان النقطة السوداء التي لطّخ بها كوجيا هذه الدورة وكبح أحلام فريق كان بإمكانه الذهاب الى النهائي، بعدما قدم احدى افضل المقابلات في كل الدورة، ان لم نقل احسنها امام كوت ديفوار. وكان كوجيا »بطلا« في البطاقات الحمراء التي يبقى التاريخ يتذكرها بأنها احدى اسوأ محطات الدورات القارية، وان التحكيم الافريقي بخرجة هذا الحكم عاد إلى الحضيض واثر كثيرا على مستوى الدورة بانحياز لبعض المنتخبات على حساب الأخرى.. ولابد من اعادة النظر في العديد من الأشياء في هذا المجال بإعطاء الثقة لحكام شبان ومكونين بشكل افضل، لكي تسير المنافسات الافريقية بنفس مستوى اللعب الذي ينشطه لاعبون محترفون في اكبر الاندية الاوربية. فخرج المنتخب الوطني من الدور نصف النهائي مرفوع الرأس كونه تعرّض لمؤامرة واضحة كانت بعيدة كل البعد عن المجال الرياضي. لتكون نهاية مشوار الخضر باللقاء الترتيبي أمام نيجيريا، أين قدم سعدان فريقا احدث فيه تغيرات عديدة وسمح للعديد من اللاعبين الاحتياطيين بلعب هذه المنافسة والذين قدموا مردودا ارتاح له الطاقم الفني. تحليل مفصل للدورة.. وعلى كل، فإن المدرب الوطني أكدوا ارتياحه لما قدمه الفريق الوطني في الدورة، موضحا ان تقريرا وتحليلا مفصلا عن المشاركة الجزائرية ليتم اجراؤه في الأيام القليلة القادمة من كل النواحي الفنية والتنظيمية، لاستخلاص الدروس والوقوف على الايجابيات والسلبيات التي ظهرت ضمن المسيرة. والشيء الذي ظهر كنقطة اساسية هي ان الفريق الوطني لأول مرة يعيش فترة طويلة في منافسة وتدريبات لمدة اكثر من شهر، وهذا مالم يحدث له منذ فترة معتبرة والتي سمحت للطاقم الفني بإعداد تقييم مفصل عن كل لاعب وكذا الميكانيزمات التي تم عملها بين اللاعبين ومختلف الخطوط،، وهذا مايكون مفيدا لسعدان في تحضير المونديال. كما ان هذه المنافسة تعتبر مناسبة للفريق الوطني لمعرفة كل حيثيات تسيير دورة، من كل النواحي، لاسيما التركيز واستغلال القوة البدنية بمراحل، وهنا طبعا المونديال سيكون الأفق المناسب لوضع هذه التجربة الانغولية فوق الميدان ومع احسن المنتخبات العالمية. ومن جهة اخرى، وعلى ضوء ما تم تجريبه في الدورة الافريقية، اعلن سعدان ان الفريق الجزائري سوف يضم لاعبين جدد في المرحلة القادمة.. وهذا بداية من مارس القادم بمناسبة المباراة الودية امام صربيا،، ويأتي في مقدمة هؤلاء اللاعبين مهدي لحسن لاعب سانتاندير الاسباني، بالنظر لمستواه وقدرته على اعطاء الشيء الاضافي في وسط الميدان الى جانب يبدة ومنصوري.. خاصة وان »الخضر« تمكنوا من العثور على عصفور نادر اسمه حسن يبدة الذي ابدع في هذه الدورة.. الى جانب هذه النقاط، فإن الهجوم يبقى الهاجس الذي يشغل بال الطاقم الفني، وضرورة ايجاد حل يكون في مقدمة اهتمامات سعدان.. ويأتي الحل الأول بعودة جبور الذي يلعب حاليا مع ناديه اليوناني وربما يكون لاعب آخر لمحاولة اعطاء الفعالية اللازمة للفريق الجزائري الذي سيعود في جوان القادم الى نهائيات كأس العالم.