تحلّ الذكرى المزدوجة لتاريخ 24 فبراير المخلدة لتأميم المحروقات سنة1971 وتأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين سنة 1956 في ظل احتدام الجدل حول التطورات الإقتصادية لبلادنا، في ظل ما عرفته ولا تزال تعرفه من مؤشرات تراوحت بين درجة الخطر خلال التسعينات، وعودة الإرتياح لدواليب المنظومة الإقتصادية الشاملة خلال العشريتين الأخيرتين بفعل تظافر عوامل عديدة أبرزها عودة مناخ الاستقرار الذي ينبغي أن يفضي إلى إرساء مؤسسات أكثر فعالية من شأنها أن تفجر الطاقات الكامنة في المجتمع لبلوغ الأهداف المرجوّة. غير أن إحياء ذكرى تأميم المحروقات هذه السنة تحلّ في ظلّ ما تفجّر داخل بيت الشركة الوطنية للمحروقات »سوناطراك« عن وجود ملفات فساد ينتظر أن تفصل فيها العدالة بالهدوء والالتزام المطلوبين لإحقاق الحق، حتى يتحمّل كل ما يقع عليه من آثام اقتصادية هي في صميم الجريمة التي لا بد من إلحاق العقاب الملائم لردع الفاسدين. إلا أن سوناطراك أو »البقرة الحلوب« كما توصف في الشارع العام هي مؤسسة عريقة، بنيت بأموال وتضحيات المجموعة الوطنية على مدار سنوات طويلة، ومن ثمة تكون محط اهتمام الرأي العام من كافة الجوانب سواء ما تحققه من إنجازات وتطورات علمية وتكنولوجية أو ما يشوبها من شوائب وما يغلغل فيها من فساد يتطلب مواجهة بلا هوادة من خلال الاحتكام إلى المقاييس والمعايير المعمول بها على مستوى مثل هذه الشركة، التي لا يعقل أن تستمر في العمل بعيدا عن الأضواء في برجها العاجي ما يعرضها دوما للانزلاق إلى ما لا يليق بها كمؤسسة بترولية ذائعة الصيت على الساحة الإقتصادية العالمية. في هذه الأثناء كيف نحيي هذه الذكرى اليوم وسط تقلبات مالية واقتصادية محلية ودولية، تقتضي من كل الأطراف إعادة تجنيد ما يتوفر من إمكانيات ووسائل، والإلتفاف حول مشروع تنمية وطنية شاملة تبقى فيه سوناطراك القلب النابض، إلى حين أن ترسى دعائم اقتصاد بديل للمحروقات، وهو ما لا يعد أمرا هيّنا في الظرف الراهن طالما أن القطاع بمكوناته الشاملة بما فيه القطاع الخاص لا يزال يعمل بوتيرة أقل مما هو مطلوب باتجاه التصدير إلى الأسواق الخارجية، ومن ثمة ترحيل أموال معتبرة بالعملة الصعبة الأمر الذي أدّى بالسلطات العمومية المخولة إلى إرساء إجراءات في قانون المالية فيها من الصرامة ما يفسر للوهلة الاولى على أنه تضييق للمبادرة، ولكنه يصب كما أكدته الجهة المعنية في إطار تأطير العمليات التجارية الخارجية التي لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تقع في قبضة ما يوصف بجماعات الضغط من الذين يمارسون ألاعيب الإحتكار والمضاربة، ويعيشون على أزمات الندرة والتبعية القوية للسوق المحلية للخارج، كما هي الوضعية للمواد الغذائية الأساسية واسعة الإستهلاك مثل السكر والزيوت والأدوية، التي يبدو أنها تتعرض هي الأخرى لعودة هاجس الندرة لبعضها جرّاء ما تعرض له مخزون المواد الأولية بأحد مصانع صيدال. ولا يعرف إلى اليوم إن كان الحادث عرضي أم بفعل فاعل، وهنا الطامة الكبرى كون عدد معتبر من عمال المؤسسة سيتعرضون للتوقف عن العمل إلا إذا تحركت الإرادة الصادقة لإعادة التوازن والكشف عن الملابسات تمام مثل الكشف عن ملابسات ملف سوناطراك الموضوع على طاولة القضاء للفصل فيه بكل مسؤولية وجرأة ضمن الإعتبارات القانونية وفقط.