قال خبير في علم الزلازل إن الزلزال الذي ضرب تشيلي بقوة 8,8 درجات بمقياس ريختر فجر السبت يُعد أقوى 500 مرة من ذلك الذي دمّر جزيرة هايتي الشهر الماضي وخلّف ما لا يقل عن مائتي ألف قتيل. وأشار خبير الزلازل بهيئة المسح الجيولوجي البريطانية د. بريان بابتي - في مقال نشرته له صحيفة ذي إندبندنت أون صنداي أمس - إلى أن التاريخ أثبت أن أقوى الزلازل ليس دوما أشدها فتكا. فالزلازل المهلكة كما يقول العالم البريطاني تنزع للوقوع في أماكن مثل الصين واليابان ووسط وجنوب شرق آسيا حيث الكثافة السكانية عالية. ومن الناحية الأخرى، فإن العديد من أكبر الزلازل في العالم، والتي تبلغ قوتها تسع درجات على مقياس ريختر فما فوق، تحدث في مناطق مثل ألاسكا وشبه جزيرة كامشاتكا شرقي روسيا. وتضرب الزلازل الحد الواقع بين أمريكا الجنوبية وصفائح نازكا التكتونية التي تمتد على طول الساحل الغربي لتشيلي، والتي تسببت كذلك في تكوين جبال الأنديز. وعلى الرغم من أن لتشيلي تاريخا طويلا مع الزلازل الفائقة الضخامة، فإن هذا القسم من حدود الصفائح الصخرية لم يشهد زلزالا قويا منذ ,1835 وهو العام الذي شهد فيه العالم البريطاني الشهير تشارلس داروين زلزالا من هذا النوع. و من ناحية ثانية، ضرب زلزال معتدل القوة باكستان وأفغانستان ولم تسجل خسائر بشرية أو مادية. وأشارت تقارير إلى أن مركز الزلزال كان في منطقة جبل هيندوكوش، وشعر به سكان شمال غرب باكستان والعاصمة الأفغانية كابول. وقال خبير الأرصاد الجوية الباكستاني قمر الزمان تشودري إن زلزالا بقوة 2,6 درجات على مقياس ريختر ضرب البلاد في وقت مبكر من صباح أمس الأحد، وقد شعر به سكان شمال باكستان والعاصمة الأفغانية. لكن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية قالت أن قوة الزلزال بلغت 7,5 درجات، وأن مركزه كان جبل هيندوكوش الذي يقع على بعد 110 كلم شمالي كابول، وفق وكالة أسوشيتد برس. هذا و قد ضربت موجات مد تسونامي على ارتفاعات مختلفة المناطق الساحلية المطلة على المحيط الهادئ من أقصى الشرق الروسي وحتى الجزر النائية في نيوزيلندا. ورغم أن هذه الموجات كانت صغيرة، فقد حذر مسؤولون من احتمال وقوع موجات مد أكبر. يأتي ذلك في وقت تعهد فيه المجتمع الدولي بدعم جهود الإنقاذ في تشيلي بعد الزلزال المدمر الذي ضربها فجر السبت وخلف أكثر من ثلاثمائة قتيل. وأمرت السلطات في اليابان ونيوزيلندا والفليبين وجزيرة كامتشاتكا الروسية بإخلاء مئات الآلاف من السكان في هذه المناطق، دون أن ترد تقارير عن وقوع أضرار. ففي اليابان، ذكرت وكالة كيودو للأنباء أن موجة تسونامي ارتفاعها 45,1 متر ضربت ميناء أوتسوتشي على الساحل الشمالي للبلاد، فيما قالت هيئة الأرصاد اليابانية أن موجات أصغر ضربت أنحاء متفرقة من البلاد من جزيرة ميناميتوري الواقعة على بعد 1950 كلم جنوب طوكيو إلى جزيرة هوكايدو الشمالية. وطالبت السلطات اليابانية نحو 450 ألف شخص يقيمون على امتداد الساحل الياباني على المحيط الهادئ بإخلاء منازلهم والانتقال إلى مناطق أكثر ارتفاعا، وحذّرت من وقوع موجات مد أقوى قد يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار أو أكثر. ولم يلحق التسونامي أضرارا كبيرة بالمناطق التي مر بها على امتداد سواحل المحيط الهادئ، ومن بينها جزيرة هاواي الأمريكية. وكان مركز التحذير من تسونامي في المحيط الهادئ قد ألغى تحذيره من وقوع موجات عاتية في البلدان الساحلية باستثناء روسياواليابان، في وقت بقيت فيه حالة التأهب قائمة في دول أخرى مثل الفليبين وأستراليا ونيوزيلندا. وكان المركز قد أبدى مخاوف من حدوث تسونامي مماثل لذلك الذي ضرب المحيط الهندي عام 2004 وخلف 230 ألف قتيل، لكن المسؤولين أكدوا أن العكس قد حدث بعد زلزال تشيلي. وقال أحد المسؤولين في المركز إن التوقعات كانت تشير إلى وقوع موجات مد كبيرة في هاواي، لكن ذلك لم يحدث. ونتيجة لذلك فقد ألغت السلطات في هاواي إنذارا من حدوث موجات تسونامي كانت قد أصدرته في وقت سابق. وتزامن ذلك مع ضرب أمواج مد يصل ارتفاعها إلى 80 سم الساحل الشرقي لروسيا، إلا أنه لم ترد تقارير تفيد بوقوع أضرار. وقالت مسؤولة بمركز سخالين لأمواج المد إن سلسلة من أمواج المد ضربت شبه جزيرة كامتشاتكا الروسية وبلغ أقصى ارتفاع لها 80 سنتيمترا، مشيرة إلى أن الأمواج ضربت أيضا جزر كوريل القريبة. وقد طلب من بعض سكان جزر كوريل الواقعة قبالة الساحل الروسي المطل على المحيط الهادئ مغادرة منازلهم كإجراء احترازي. وفي الفليبين، ألغت السلطات الفليبينية تحذيرا من حدوث موجات تسونامي صدر عقب وقوع زلزال تشيلي، ودعت سكان المناطق في 19 إقليما على امتداد ساحلها الشرقي إلى العودة لمنازلهم. يأتي ذلك في وقت تعهد فيه المجتمع الدولي بتقديم الدعم لتشيلي، فيما تواصلت جهود الإنقاذ في هذا البلد بعد الزلزال المدمر الذي ضربه فجر السبت. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إنه يراقب عن كثب التطورات، ومن بينها احتمال وقوع موجات تسونامي على سواحل المحيط الهادئ. أما الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فقد تعهد بتلبية أي طلب للمساعدة تقدمه تشيلي، فيما عرض الاتحاد الأوروبي تقديم ثلاثة ملايين يورو كمساعدة عاجلة، كما تقدمت كوريا الجنوبية وأستراليا بتعهدات مماثلة. وقد خلف الزلزال دمارا كبيرا في العاصمة سانتياغو ومدينة كونسيبسيون الأقرب إلى مركز الهزة. وذكرت محطة تلفزيون محلية في تشيلي أن موجة تسونامي اجتاحت ميناء تالكاهوانا الساحلي التشيلي في ساعة متأخرة الليلة ما قبل الماضية، مما أدى إلى وقوع أضرار جسيمة بمنشآت الميناء. وأظهرت صور حاويات الشحن متناثرة وشوارع غارقة في المياه. وقال المصدر إن الموجة أصابت البلدة، في الوقت الذي هزت فيه تشيلي عدة هزات ارتدادية قوية بعد ساعات من وقوع الزلزال.