رحلت فرنسا الاستعمارية لكنها تركت وراءها جريمة حصدت أرواح الأبرياء لاسيما الأطفال، في المناطق التي زرعت فيها الألغام على طول الحدود الشرقية والغربية للجزائر، للتصدي للمجاهدين وقطع عنهم الطريق نحو تونس والمغرب لجلب الأسلحة، قصد إخماد نار الثورة، رغم تسليم فرنسا للجزائر خرائط انتشار الألغام المزروعة من طرف الجيش الفرنسي، إلا أنها لا تنفع كون الألغام زحفت إلى مناطق أخرى بفعل التغيرات الجوية وانجراف التربية، وبفضل جهود أفراد الجيش الوطني الشعبي تم تدمير ما يقارب 8.5 ملايين لغم. أوضح قائد عمليات نزع الألغام بوزارة الدفاع الوطني العقيد غرابي في تصريح خص به جريدة”الشعب”، أن قيادة الجيش الوطني الشعبي عملت على مرحلتين للقضاء على الألغام، بحيث امتدت المرحلة الأولى 25 سنة أي من سنة 1963 إلى 1988 وهي طويلة المدى، تم فيها نزع أكثر من 7 ملايين لغم (819.120 )، وإعادة تطهير 50 ألف هكتار من الأراضي التي سيعاد استغلالها في الزراعة والأنشطة الاقتصادية والتنمية المحلية، بعدما ظلت لعقود ممنوعة من الاستغلال بسبب الألغام المزروعة فيها. وأضاف أن المرحلة الثانية من 27 نوفمبر 2014 حين قامت الجزائر بتطبيق المصادقة على الاتفاقية الدولية “أوتاوا”، إلى غاية 1 ديسمبر 2016، تم فيها نزع مليون و10.857 لغم وتحرير 12 ألف و417 هكتار من الأراضي التي زرعت فيها الألغام، بحيث تنقل أفراد الجيش مشيا عبر مسالك السكك الحديدية من مشرية إلى بشار، وتم تطهير المكان في إطار تحويل المياه من الشط الغربي إلى جنوبتلمسان بالتحديد بمنطقة البحيرات، ولم تسجل أية إصابة. في هذا الصدد، قال العقيد غرابي أنه حين يتم إبلاغهم بأماكن انفجار لغم يتنقل أفراد الجيش الوطني الشعبي إلى عين المكان لتطهيره، مشيرا إلى أنه لا يوجد صفر خطر كون أن نسبة التلغيم كانت عالية على الشريط الحدودي مع تونس والمغرب، علما أن هذه الألغام تسببت في قتل أكثر من خمسة آلاف ضحية منذ الاستقلال، إضافة إلى عدد كبير من المعطوبين والمعاقين بسبب انفجارها. بالموازاة مع ذلك، يقوم الجيش الوطني الشعبي بحملات تشجير في الحقول التي كانت ملغمة بتعميق الغرس للتأكد من صلاح التربة، وإرجاع ثقة سكان الذين كانوا يسكنون في المنطقة، حسب ما أفاد به العقيد غرابي. تكلفة نزع لغم واحد بين 500 و1500 دولار وللتذكير فإن، السلطات الفرنسية قررت بناء خطي موريس وشال ما بين 1956 - 1959 بهدف محاصرة الثوار الجزائريين، وكمرحلة أولى بني خط موريس على الحدود الشرقية مع تونس والذي ينسب إلى وزير الدفاع الفرنسي في ذلك الوقت، أندري موريس، على امتداد مسافة 460 كيلومتر، والذي عزز بإقامة الأسلاك الشائكة المكهربة. وفي مرحلة ثانية أقيم خط ثان يسمى خط شال نسبة إلى الجنرال، موريس شال الذي كان يتولى القيادة العسكرية في الجزائر في الفترة بين 1958 و1960، وبني على الحدود الغربية مع المملكة المغربية بنفس مواصفات الخط، ويبلغ طوله 700 كيلومتر. ونشير هنا إلى أن تكلفة نزع لغم واحد بين 500 و1500 دولار، بينما تكلفة زرع لغم واحد لا تتجاوز ثلاثة دولارات فقط.